الاسلام

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اهل الجنه

اشترك الان واغتنم الفرصه مطلوب مشريفين لمنتدي اهل الجنه

    النحت المصري

    avatar
    Admin
    المدير العام للموقع
    المدير العام للموقع


    ذكر عدد المساهمات : 78
    تاريخ التسجيل : 06/04/2009

    النحت المصري Empty النحت المصري

    مُساهمة  Admin الثلاثاء أبريل 06, 2010 4:08 am

    يعتبر النحت المصري جزءا متمما للعمارة والزخرفة ، والمعابد تشتمل على تماثيل تؤكد الوحدة بين العمارة والنحت ، وكذلك كان الأمر في المقابر وأغلب ما خلفه الفنان المصري القديم من أعمال النحت يؤكد أصالته وقدرته على إبراز مقومات وخصائص ومميزات الشخصيات التي خلدها في تماثيله ، وسما بهذا إلى تأكيد القيم الإنسانية الكلية كالخلود والتسامي ولم يلجأ إلى الفردية البحتة كالفن الإغريقي .
    فالتماثيل من أهم العلامات المميزة للفن المصري، وكانت للتمثال مهمة أساسية في المقبرة عبر العصور الفرعونية، وهي تمكين الروح من التعرف على ملامح الشخص المتوفى، فلا تخطئه في الدار الآخرة.
    وازدهر فن النحت في الدولة القديمة والوسطي والحديثة، وأثمر عددا من التماثيل بأنواع مختلفة، واستخدم المصريون حجم التمثال للتعبير عن الوضع الاجتماعي، فحجم تمثال الفرعون كان يفوق الحجم الطبيعي، ويزن أحيانا عدة أطنان.
    وكانت تماثيل الكتبة وموظفي البلاط بالحجم الطبيعي تقريبا، وأما تماثيل الخدم والعمال فكانت رغم دقتها العالية أصغر حجما، ولا يزيد ارتفاعها في العادة على 50 سنتيمترا.
    وقد أظهرت تلك التماثيل الخادم في أوضاع العمل المختلفة، وهذه التماثيل يستدعيها صاحبها، في الدار الآخرة، لكي تؤدي عنه العمل الصعب الذي لابد وأن يقوم به، وكان يدفن 365 من هذه التماثيل الصغيرة (الأوشابتى) لتؤدي عن الميت أعماله، أي بعدد أيام السنة.
    ومن المعالم الرئيسية المميزة للنحت المصري المسلات، وقد اعتمدت في صناعتها على تقنيات معمارية عالية، إذ كانت المسلة تنحت من كتلة صخرية واحدة.
    وكانت المسلات من أبرز معالم العمارة القديمة، وتقام عادة على جانبي مداخل المعابد، وكان للأعمدة وضع خاص في العصرين الفرعوني واليوناني، ويتكون العمود سواء كان رباعي الشكل أو مستديرا، من ثلاثة أجزاء هم القاعدة والبدن والتاج.
    واتخذت التيجان أشكالا شبيهة بالزهور وأوراق النبات، مثل النخيل ونبات اللوتس، ومن الأشكال الشائعة أيضا، شكل السلة المجدولة، بأشكال حليات نباتية وعناقيد عنب في داخلها.
    ومن أمثلة ذلك تمثال خفرع الموجود بالمتحف المصري ، والذي صنعه الفنان من اصلب أنواع الأحجار - حجر الديوريت الأخضر - واستطاع الفنان أن يحتفظ بخصائص كتلة الحجر التي انعكست على التكوين الفني للتمثال الذي يتميز بتصميم فريد اكتملت فيه القيم التشكيلية في الكتل السطوح التي تصل بين رأس الملك والصقر الناشر جناحيه خلفها ثم الأكتاف العارية ثم امتداد الساقين وكيف تتكامل العلاقات الفنية بين السطوح الناعمة والخطوط الانسيابية وما أنشأه الفنان من زخارف بارزة على الكرسي الذي يجلس عليه الملك .

    ومثل ثان و هو تمثال شيخ البلد المصنوع من خشب الجميز والذي تحس فيه معنى الخلود في نظرته الثابتة الممتدة نحو الأفق وكيف أحال الفنان كتلة الخشب إلى هذه الصورة الإنسانية المكتملة المعاني كما يبدو في وقفته الثبات والثقة والأمل .
    ومثل ثالث تمثالا نفرت ورع الموجودان بالمتحف المصري واللذان صنعهما الفنان من الحجر الجيري الملون .

    ومع أن الفنان المصري القديم قد احتفظ بجميع مقومات العمل الفني الممتاز من تكوين متماسك إلى العلاقات في الخطوط والكتل والمساحات إلا انه استطاع أن يحقق في هذين التمثالين تحديدا صفة أخرى تعتمد على إبراز معاني الرقة والجمال والنعومة مع جلال الشخصية وسموها كما استطاع أيضا إن يبرز في الحجر رقة الثوب الذي يجسم محاسن الجسم وجماله .

    وهناك أمثلة أخرى كثيرة لما بلغه الفنان المصري من أمجاد حققها في فن النحت وقد شمل هذا الإنتاج كل ما تتصوره من مجالات أخرى سواء أكان ذلك بالنسبة للإنسان أم الحيوان أو الطير مستعملا في ذلك عدة خامات كالحجر بأنواعه والذهب والفضة والبرونز والنحاس والخشب ، كما لجأ الفنان إلى استعمال الألوان المختلفة في الكثير من أعمال النحت والحفر لتأكيد التعبير الذي يريد أن يحققه ، والمتحف المصري يزخر بأمثلة لا حصر لها تمثل تطور فنون النحت والحفر ابتداء من العصر المبكر حتى العصر المتأخر .
    http://history.egypt.com
    avatar
    Admin
    المدير العام للموقع
    المدير العام للموقع


    ذكر عدد المساهمات : 78
    تاريخ التسجيل : 06/04/2009

    النحت المصري Empty مصر‏..‏ أرض الحجر‏!‏

    مُساهمة  Admin الثلاثاء أبريل 06, 2010 4:12 am

    مصر‏..‏ أرض الحجر‏!‏
    بقلم : د‏.‏ زاهي حواس


    عندما وصف هيرودوت مصر بأنها هبة النيل كان بلا شك يشير إلي ذلك النهر المتدفق بالعطاء الذي استقر المصريون القدماء علي ضفتيه وبنوا حضارة إنسانية عظيمة‏.‏ ولا أعتقد شخصيا أنه كان يقصد أن الفضل فيما وصل إليه المصريون القدماء من علوم وفنون سبقوا بها الأمم القديمة كلها إلي نهر النيل‏,‏ فالنيل يمر علي بلاد إفريقية عديدة بل وينبع فيها قبل أن يصل ويفيض علي أرض مصر‏,‏ وعلي الرغم من ذلك لا نجد حضارة يمكن مقارنتها بحضارة الفراعنة‏;‏ إذن فالشخصية المصرية هي من شيدت تلك الحضارة مستغلة كل الإمكانات الطبيعية التي توافرت لها علي أرض مصر‏.‏ وإذا كان الكثيرون قد كتبوا عن نهر النيل وفضله علي حضارة مصر القديمة‏,‏ فإن القليل من العلماء والباحثين هو من ذكر فضل الحجر الذي توافر للمصري القديم واستغله في تشييد حضارته‏.‏

    وهب الله أرض مصر تنوعا ثريا لا مثيل له في الأحجار التي توافرت بأرضها‏,‏ ولا يمكن حصر كل أنواعها في مقال واحد‏,‏ وكان سيد هذه الأحجار جميعا هو الحجر الجيري الذي إليه يرجع الفضل في بقاء أروع المنشآت الجنائزية والدينية من مقابر وأهرامات ومعابد‏,‏ هذا الحجر يتوافر في أرض مصر كلها شمالا وجنوبا مع وجود اختلافات جوهرية في تماسك حبيباته وصلابته ولونه‏,‏ ويطلق عليه الحجر الجيري المحلي الذي استغله المصري في بناء جسم المنشأة ثم كسائه بأحجار أخري عديدة مثل الحجر الجرانيت الوردي‏,‏ أو الجرانيت الأسود‏,‏ وكذلك البازلت‏,‏ وهناك في محاجر المعصرة بطره يوجد محجر الحجر الجيري الجيد‏,‏ وهو من أجود أنواع الحجر ويتميز بلونه الأبيض الناصع‏,‏ وكذلك الأبيض المائل للاصفرار وإلي جانب استغلال المصري القديم لهذا الحجر بالذات في أعمال الكساء لمنشآته المعمارية المشيدة بالحجر المحلي‏,‏ فلقد استغله أيضا في عمل التماثيل والأواني الحجرية‏,‏ ووصل المصري القديم إلي أقصي درجات التقنية في قطع الأحجار ونحتها واستغلالها أفضل استغلال بحيث يكون الفاقد قليلا جدا من كتلة الحجر المستغلة في نحت التماثيل والأواني‏,‏

    وذلك نظرا للجهد المبذول في قطع الحجر ونقله سواء إلي موقع العمل عبر النيل أو إلي الورشة لكي يتناوله النحاتون في حالة نحت التماثيل الصغيرة أو متوسطة الحجم‏.‏ أما في حالة نحت التماثيل الضخمة فكان العمل يتم في المحجر نفسه ويتم نقل التمثال من المحجر إلي موضعه أمام أو داخل المنشأة المعمارية ووضع اللمسات الفنية الأخيرة عليه من ألوان أو تطعيم‏.‏

    وعلي العكس من الحجر الجيري الذي كان العمل فيه يمثل قمة السهولة بالنسبة للفنان المصري القديم كان العمل مع الأحجار الصلدة لاسيما الجرانيت والبازلت عملا في غاية الصعوبة‏,‏ ويحتاج إلي مهارة وتقنية عالية ومن أطرف النصوص التي تركها المصري القديم‏,‏ علي جدران مقابره نص يمثل حوارا بين اثنين من النحاتين في أثناء عملهما وكان أحدهما يشتغل بنحت تمثال من الخشب‏,‏ والآخر يقوم بنحت تمثال من الحجر الذي يشتكي قائلا‏:‏ مضي وقت طويل وأنا أعمل علي هذا التمثال ولم أنته بعد‏!‏ فيرد عليه زميله الآخر بقوله‏:‏ إن العمل في نحت تمثال الخشب ليس كالعمل في نحت تمثال من الحجر‏.‏

    لم يكن الحجر مجرد مادة بناء تتميز بالبقاء فقط‏;‏ بل كان أيضا يرتبط بالأساطير الدينية والفكر العقائدي عند المصري القديم وكان لكل حجر رمزية خاصة‏,‏ فالحجر الرملي الأحمر هو حجر عقيدة الشمس ورمز إله الشمس‏,‏ ولذلك نجد أن معظم تماثيل الملك جدف رع قد نحتت من هذا الحجر‏,‏ وعلي الرغم من العثور عليها محطمة بشكل يشير إلي عملية انتقام ـ ربما مقصودة أو غير مقصودة ـ فلا تزال هناك رؤوس التماثيل وأجزاء منها التي تعتبر أحد آيات الفن المصري القديم‏.‏ وكان أفضل محاجر هذا الحجر موجودا بمنطقة الجبل الأحمر وهي غير بعيدة عن مدينة إله الشمس رع في هليوبوليس أو أون القديمة‏(‏ عين شمس الحالية‏),‏ وعندما قمت حديثا في منطقة عين شمس بالكشف عن معبد يرجع إلي عصر الملك أخناتون وربما أعيد بناؤه في عصر الملك رمسيس الثاني الذي سلب أخناتون معظم آثاره ومحا اسمه من عليها وجدت العديد من قطع التماثيل المنحوتة من الحجر الرملي‏.‏ أما عن السبب في ارتباط الشمس بالحجر الرملي الأحمر أو الكوارتزيت فهو تشابه لونه مع لون قرص الشمس عند غروبه وأطلق علي إله الشمس الغاربة اسم آتوم ووصف بأنه إيوف رع أي‏(‏ لحمة رع‏)‏ وصور بهيئة الكبش الواقف في مركب الليل مسكتت‏.‏

    أما عن حجر البازلت الأسود فلقد ارتبط ارتباطا وثيقا بعقيدة أوزير حيث إنه يمثل الخصوبة والتربة السوداء وكان من إحدي مهام أوزير أنه إله للزراعة وارتبط بخصوبة الأرض وحيويتها‏,‏ ونتيجة لذلك استخدم المصري القديم البازلت الأسود في عمل أرضيات المعابد الجنائزية في مجموعات الأهرامات الملكية في الدولتين القديمة والوسطي‏,‏ وكان من أحب الأحجار إلي المصري القديم لعمل التوابيت وذلك بدءا من الأسرة الخامسة حتي نهاية العصور الفرعونية وخلال عصر الأسرة السادسة كان هو الحجر الملكي الخاص لعمل التوابيت الملكية ونقش أسماء وألقاب الملك وتمثيلا للباب الوهمي علي أسطحه‏,‏ والرمزية من وراء ذلك معروفة طبعا‏,‏ وهي أن الملك المدفون في هذا التابوت يأمل في أن يبعث مرة أخري من هذه التربة الخصبة التي يمثلها التابوت بلونه الأسود‏.‏

    ويتم أحيانا الخلط بين الجرانيت الأسود والبازلت خاصة من جانب غير المتخصصين‏,‏ إلا أن حبيبات الحجر الجرانيتي أكبر حجما وتباعدا من حبيبات الحجر البازلتي‏.‏ وإلي جانب هذه الأنواع من الأحجار كان الحجر الجرانيتي الأحمر من أكثر الأحجار التي أحبها المصري القديم بل كانت أثمنها جميعا تكبد في سبيل الحصول عليها الكثير من المشاق والجهد حيث كانت محاجرها تقع في أسوان وقد استغلها المصري القديم منذ أقدم عصوره ويرجع أقدم استخدام لها في العمارة علي نطاق واسع إلي عصر الملك خع سخم وي آخر ملوك الأسرة الثانية‏(2649‏ قبل الميلاد‏)‏ حيث قام بتشييد مقصورة ضخمة ونقشها بنقوش دينية تمثل طقوس إنشاء المعبد ولا تزال بقاياها موجودة إلي اليوم ومحفوظة في المتحف المصري بالقاهرة‏.‏

    وفي عصر الملك خوفو قام المهندس المعماري المسئول عن إنشاء هرم الملك بهضبة الجيزة بقطع ألواح ضخمة من هذا الحجر من أسوان ونقلها عبر النيل لكي يقوم بتجليد حجرة الملك وتسقيفها وكذلك إنشاء الحجرات الخمس التي تعلو حجرة الملك‏,‏ ويصل ثقل الكتلة الحجرية الواحدة إلي نحو‏40‏ طنا‏,‏ ولنا أن نتخيل أنه منذ أكثر من‏4500‏ عام استطاع المصري القديم نحت كتل حجرية بهذا الحجم من محاجر أسوان ونقلها إلي ضفة النيل ووضعها علي سفن خشبية لكي تنقل عبر مسافة أكثر من‏700‏ كم إلي موضعها في هرم الملك خوفو وعلي ارتفاع أكثر من‏100‏ متر فوق الهضبة نفسها؟‏!‏

    إذن فنحن أمام معجزة معمارية بكل المقاييس توضح جانبا آخر من جوانب عظمة الحضارة المصرية القديمة وإبداعها‏.‏ وإلي جانب استخدام حجر الجرانيت الوردي في البناء استخدم كذلك لنحت الأعمدة المستديرة والمربعة لعل أروع أمثلتها أعمدة المعبد الجنائزي للملك ساحورع ثاني ملوك الأسرة الخامسة بأبو صير التي شكلت علي هيئة النخيل وكانت قمتها التي تمثل سعف النخيل وتفاصيلها الدقيقة سببا في تسابق المتحف المصري ومتحف برلين علي اقتناء هذه الأعمدة ويمكن مشاهدتها بالمتحف المصري بالقاهرة‏,‏ وقد استغل الفنان المصري القديم جسم العامود في نقش ألقاب وأسماء الملك ساحورع تحرسها اثنان من إلهات مصر الحامية‏;‏ الإلهة وادجيت بهيئة الثعبان رمز الشمال‏,‏ والإلهة نخبت بهيئة أنثي العقاب رمز الجنوب‏.‏ كما استغل حجر الجرانيت الوردي في عمل المسلات الضخمة التي يصل ارتفاع بعضها إلي أكثر من‏30‏ مترا‏.‏

    وتسابق ملوك الدولة الحديثة في قطع المسلات ونقش أسمائهم مصحوبة بأدعية خاصة وفي حماية آلهة محددة علي رأسها جميعا الإله آمون رع‏(‏ سيد الكرنك‏).‏ هذه المسلات كان يتم نحتها لكي تزين معابد الإله آمون‏,‏ ولا يزال محجر المسلة الناقصة بأسوان قائما شاهدا علي مدي الجهد الذي كان يبذل لقطع مسلة واحدة واستخلاصها من محجرها والبدء في نقشها ثم نقلها ونصبها‏,‏ الأمر الذي يكاد يكون مشروعا قوميا تحتفل البلاد كلها بنجاحه‏.‏ أما عن حجر الألباستر ومحاجره الشهيرة في حتنوب بالمنيا فهي قصة أخري من قصص الحضارة المصرية القديمة‏,‏ ولعل شهرة محاجر حتنوب ترجع إلي ما تركه رؤساء المحاجر والكتبة المصاحبون للبعثات من نقوش هناك‏,‏ هذه النقوش تعد وثيقة مهمة علي نمط العمل بالمحاجر وما كان العمال يفكرون في تخليده في أثناء أوقات راحتهم‏,‏ وتتألف نقوش حتنوب معظمها من أسماء وألقاب رؤساء العمل وأدعية خاصة تركوها لتخليد ذكري وجودهم في هذا المكان الذي كان تحت حماية ربة حتنوب الإلهة حاتحور‏.‏

    وقد استغل المصري القديم الألباستر في العمارة وكذلك في النحت حيث قام بنحت التماثيل والأواني البديعة من هذا الحجر الذي لا يوجد مثيل له في أي مكان بالعالم ولذلك فهو يعرف بأنه الألباستر المصري واستطاع المصري القديم إخراج روائع فنية من التماثيل المنحوتة من هذا الحجر لعل أبدعها جميعا تمثال للملك بيبي الثاني وهو جالس علي ركبتي أمه بكامل ردائه الملكي والتمثال محفوظ بمتحف بروكلين بأمريكا‏,‏ وفي مجال العمارة استغل المصري القديم الألباستر في عمل الأرضيات البديعة التي تعكس أشعة الشمس فتضيف بهاء وقدسية خاصة علي المكان‏,‏ وأجمل أمثلتها أرضية معبد الوادي للملك خفرع بالجيزة‏.‏ ليست هذه هي كل ما استغله المصري القديم من أحجار فهناك أنواع أخري عديدة سيتصل حديثنا عنها في المقال القادم إن شاء الله ومنها حجر الجينيس المعروف باسم ديوريت خفرع‏,‏ وكذلك أحجار البروفير والدولميت والدولوريت وغيرها‏..‏ حقا مصر هي بلد الفراعنة أساتذة الحجر‏.‏
    avatar
    Admin
    المدير العام للموقع
    المدير العام للموقع


    ذكر عدد المساهمات : 78
    تاريخ التسجيل : 06/04/2009

    النحت المصري Empty د.زهير صاحب

    مُساهمة  Admin الثلاثاء أبريل 06, 2010 4:13 am

    د.زهير صاحب
    تفاعلت عدة قوى ضاغطة يبثها المركز الروحي، الى قولبة هيئة التماثيل الملكية بصفة النظام، ذلك ان نظم العلاقات الشكلية والفكرية التي تميز هذه التماثيل قد ترتبت طوعا لاكساب صفة التماثيل الملكية صفة النظام المتماثل طيلة تاريخ الحضارة المصرية. فالنشاط الفني ينبع من صميم الحياة ذاتها، باعتباره نشاطا اجتماعيا، تنحصر غايته في الحياة او الواقع نفسه. وهو ذلك الجوهر الذي يتصف بالوعي والارادة قبل كل شيء. ونتيجة استقرار نظم الاشكال في ذهن الجماعة، بفعل استمرار الممارسة والفهم، ان تصبح مثل هذه الاشكال حقيقة اصطلاحية (علامة عرفية) ضمن حدودها الزمانية والامكانية، فنحن نتحدث هنا عن نظام الاشكال الملكية المصرية، بنفس الطريقة التي نتحدث بها عن نظام الشكل الكلاسيكي او نظام الشكل الرومانتيكي. حتى بدت مثل هذه الاشكال الرمزية اشبه بالهرمونية الايقاعية، لتغدو مؤشرا يردده الجميع، باعتباره ترجمة لعواطف مشتركة، لها وظيفة تنظيمية كامنة في نسيج النظم الاجتماعية.
    عرضت تماثيل الملوك والالهة المصرية في اجواء ساحرة داخل فضاءات المعابد، وكانت تختل منطقة قدس الاقداس في حيز المعبد المعماري القدسي. باعتبارها رموزا احتفالية، اكتسبت اهميتها بنوعية الفكر، كونها جزءا فاعلا في الممارسات الطقوسية الناشطة في مستوى الوعي الاجتماعي. وكان القصد من هذه الطقوس والممارسات الاجتماعية، هو اثارة العاطفة في وعي الشعب المصري، لتكون عنصرا مؤثرا في حياة المجتمع العملية، فهي بمثابة اذكاء عواطف معينة في الاشخاص، والتي تعتبر ضرورية ونافعة في سياق العمل المعيشي باطره العامة. انها بمثابة فعل سحري، يعيش بفعل عملية تقديسه والخضوع له. وقد اشتمل نظام عرض التماثيل الملكية في حيز المعابد المعادلات الاتية :-
    1 - التماثيل الفردية : وتكون بشكل تمثال متفرد واحد بهيئة فرعون او اله، ويمثل عادة بوضع الوقوف او الجلوس على عرش.
    2 - التماثيل الاسرية الملكية : وتكون في اغلب الاحيان بشكل زوج من التماثيل، يمثلان الملك وزوجته، ويمثلان بوضعية الوقوف في اغلب الاحوال، وتضع الزوجة عادة يدها على كتف زوجها او تلفها حول خصره تعبيرا عن محبتها له. وفي ذلك تدليل رمزي لاستشراق الابدية والتقديس لكل العائلة الملكية. ذلك ان الفن يبدأ من تلك المحاولة، عن طريق استشارة مكنونات تلك الانطباعات والافكار، والتي سبق للفنان ادراكها في ظل تأثير الواقع المحيط به .
    3 - مجموعة تماثيل الثالوث الملكية : وتتألف كنظام تركيبي من ثلاثة تماثيل في وضعية الوقوف في اغلب الاحوال، حين يتوسط الفرعون زوج من الالهة بدلالة رموزها الكامنة في تيجان الرؤوس، نوعا من تأكيد الوهية الفرعون، واثبات القناعة في رحلته الابدية الخالدة، بعد ان بسط باحكام حديدي سيطرته على الارض المصرية. فمثل هذه التركيبات في فن النحت المدور، لابد انها ترتبط بمعنى وتعبر عنه بشكل مرادفات تشبيهية، تجسد العلاقة البنائية بين الرغبة المتمثلة بالمدلول والمتحققة في التأليفات الشكلية .
    ان اهم ما يميز انظمة الاشكال في التماثيل الفرعونية، هو انها ذات بنائية معمارية، من خلال نظام العلاقة الذي يربطها بالعمارة، ليس فقط لكونها تعرض في المعابد، وانما كونها تدخل في بنية متضايفة مع الابنية المعمارية. حين تثبت التماثيل باحجامها الهائلة امام المعابد المنحوتة في صخور الجبال وكذلك حين تثبت التماثيل الى جوار الاعمدة او الجدران المعمارية. وبفعل هذا النظام من التضايف، اكتسبت بنائية التماثيل نظاما معماريا، ذلك انها قد نحتت بنفس الاسلوب او المنهج الذي يشيد به البناء المعماري، حين يتألف جسم التمثال من صفوف من الاحجار يعلو بعضها ببعضا، فيتحول الاحساس بالتمثال من نظامه النحتي الى نظام اخر هو النظام المعماري دون ان يخسر أي من قيمته الروحية باعتباره رمزا معبودا، أي باعتباره قوة خارقة تستطيع ان تؤثر على الانسان بشكل او باخر، كونه حامل لقوى سرية عظيمة الفاعلية.
    وبسبب اتصاف تماثيل الملوك والالهة في مصر القديمة بمثل هذه البنائية المعمارية، فان الاهتمام بتفاصيلها كان يتحدد بالجهة الامامية للتمثال، أي انها كانت تنحت بوضع مواجه للناظر لتنال التكريم والتبجيل. اما الجهة الخلفية للتماثيل فانها كانت تنحت بتسطيح كامل. ومن شأن ذلك ان يضبط ادراك المشاهد ويوجه انتباهه، بحيث يبدو التكوين النحتي واضحا مفهوما موحدا في استيعابه البصري . ذلك ان التكوين في مثل هذه الحالة يرتب عناصر العمل الفني، على نحو من شأنه ان يبرز قيمتها التعبيرية، فهو الذي يضم هذه التعددية في وحدة الكل. ومثل التماثيل الفرعونية في ذلك مثل نظام التماثيل الملكية والدينية في بلاد وادي الرافدين، والتي تنحت بوضع مواجهة ايضا ازاء المتعبدين. على العكس من التماثيل الاغريقية، حيث عرض تمثال الالهة اثينا في البارثنون بعيدا عن الجدران، وبوضع هندسي ودراسة للفضاء، بحيث يستطيع المتعبدون من الدوران حوله، متأملين كمال الهيئة العامة للتمثال.
    وبفعل اهتمام النحات، بدراسة تفاصيل الجهة الامامية للتماثيل الملكية في بلاد وادي النيل، ان اتصفت هذه التماثيل كتكوينات فنية، بمبدئي التماثل والتوازن بين جانبي التمثال الايمن والايسر، فلو قمنا خطا وهميا عموديا، يجتاز جبهة التمثال الامامية، من الاعلى الى الاسفل، تكون القيمة نصفين متوازيين ومتناظرين للتمثال، ولعل ذلك يعود ايضا الى قانون استقرار الحركة، بالاضافة الى مبدأ المواجهة في اسلوب نحت التماثيل. ذلك ان الفنان قد تخير من نظام الشكل، مجموعة من العلاقات، محاولا ابرازها بهيئة لها كيانها الخاص والافكار المرتبطة بها بالوسط الحضاري. ورغم واقعية التمثال بهذا الخصوص، فان الخصوصية الابداعية للنحات، تكمن في بعض الاحيان، بالتأويل الذي يجريه النحات على انظمة الاشكال الملكية. فقد عبّر النحات بقصدية عن الحكمة الكائنة في بنائية التماثيل بتكبير حجم الاذنين، وكذلك عبّر عن استقرار الفكرة الملكية وقوتها بالتكبير المبالغ به لحجمي القدمين. واذا كان الفنان في اختياره الواعي للتأويل في تفاصيل الاشكال الملكية، فهي مظاهر مستندة الى عالم الوعي الفكري الاجتماعي، والذي يقرر ما وراء هذه التمثلات من صفات وخصوصيات روحية، تكمن وراء هذه المظاهر، فهي كشفا تنقله اشكالا رمزية، تتعدى التشخيص نحو اللامحدود والنهائي.
    وبالفعل نفسه ضخم مايكل انجلو قدمي وكفي (داود) في تمثاله المشهور، كي تطيح قوة الشباب بجوليات المتخفي فوق راس المشاهد.
    تتمثل تماثيل الملوك المصريين القدماء بنوع من التجريد، في خصوصية الخطوط الخارجية المحددة لكتل وهيئات التماثيل. ذلك ان خطوطها هندسية الطابع وحادة وصلبة، وتفتقر الى انحناءات وليونة الخطوط الواقعية. واذا افترضنا مرد ذلك الى صلابة الخامات التي نحتت منها التماثيل الملكية، والتي دعت النحات لمثل هذه التجريدات الهندسية. فاننا نضيف لمثل هذا الكشف التقني، تعليلا فكريا يرتبط ببنائية الدلالية الفكرية الكامنة في اعماق هذه التماثيل. ذلك ان الفنان هنا، لا يستقي البهجة من الطبيعة العفوية للاشياء والظواهر، لكنه يسعى الى نوع من التبسيط والتحوير والاختزال، وصولا الى النظام الرمزي في التمثيل، تبعا لافكار ودلالات مرتبطة بالفكر الديني والتقاليد الكهنوتية. وكل ذلك يؤكد الانتقال بالشكل الطبيعي من صورته العرضية الى شكله الجوهري الخالد، والذي يبغي العموم بالرمز، وفي ذلك نوع من التسامي فوق مستوى الواقع لكشف المضمون الباطن للحقيقة، حيث التامل والايحاء، بدلا من محدودية الواقعية.
    كانت التماثيل الملكية المصرية القديمة، تنحت بوضعين حركيين رئيسيين، هما وضع الوقوف، ووضع الجلوس على كرسي العرش, وفي وضع الوقوف كان الراس عموديا على الكتفين وثابتا في محله في توازن عام، مع اتجاه خط النظر الى تأمل عميق في عالم الخلود والابدية. اما اليدين فتظهران مبسوطتين بموازاة الجسم باستقرار كامل، في حين تتقدم الساق اليسرى بخطوة قصيرة نحو الامام دون رفع كاحل القدم، وفي ذلك فعل حركي يدلل الى حركة التمثال الرمزية نحو عالم اللانهائية الخالد. فقد تمكن النحات من ابتداع وضع حركي يتفق مع المضمون وروح ذلك العصر الذي ربط فيه الفكر بين المادي والروحي. وقد انتقلت هذه الوضعية الحركية الى النحت الاغريقي بعد ذلك، بفعل الاحتكاك الحضاري، لتعبر في تماثيل (كوروس) الاغريقية عن النشاط والحيوية.
    وفي وضع الجلوس، تبسط اليدين على الرجلين بثبات تام، وتثبت القدمين اما الجسم في استقرار تام. وفي حالات خاصة ترتفع احدى اليدين بانحنائه شكلية لتمسك بصولجان المعركة. رمز القوة والسيطرة والسلطة، او تنحني كلا اليدين الى الصدر لتمسك احداهما بالعصا المعقوفة والاخرى بالمنشة، وهي وحدات رمزية فاعلة تعتبر بمثابة العوذ لطرد القوى الشريرة. لقد حافظت تماثيل الفراعنة منذ بداية العهد القديم وحتى اواخر الدولة الحديثة، على طابع السكون والاتزان والهدوء والجلال الالهي. ذلك ان النحات، كان حريصا الى ان يلفت نظر المتأمل الى الاعماق في التماثيل، والتي تحمل القوى الروحية المرتبطة بالتمثال كفكرة. صارفا نظره عن السطح الامامي والمستويات الجانبية الحركية، فالى هذا يُعزى ما في تماثيل الملوك الفراعنة من قوة تأثير، فالمشاهد يكون مأخوذا بالاعماق، غير مشتت الطرف بالعناصر الشكلية الخارجية. لقد استطاع الفنان المرتبط بوسطه الحضاري، ان يمثل ويبث في البشري الجوهري الروحي، وهي السمة الهامة التي تميز مثل هذه الاشكال الرمزية، ذلك ان فكرة الموضوع قد تركت اثرها الذي لا يزول في التعبير الروحي المتجسد بمظهر الوضع الحركي.
    ورغم ما عرف عن المصريين القدماء، من معرفة في التشريح البشري، بفعل عمليات التحنيط التي اشتهر بها بين الحضارات العالمية الاصيلة. الا ان دراسة تشريح الجسم البشري كما تتضح في تماثيلهم الملكية، تتميز بالتبسيط والاختزال، فقد اقتنصوا ومضة الصورة الخالدة في الجسم البشري واحالوها الى دلالة شكلية. نوعا من التركيب الخالد في مقامه نحو جلال الاله. نوعا من القصدية الابداعية، التي تميل الى التحول في سمات الاشكال الفنية، من الخصائص الجزئية الى الصفات الكلية، ومن الفردية الى التعميم المطلق. فالعنصر الحاسم هنا، هو ظاهر الشكل الموحي بالموضوع الممثل، والذي يتميز بما هو جوهري وثابت، وهو اكثر سموا مما يمكن ان يوجد في الطبيعة الفردية. فنظام الصورة هنا، بمثابة تركيب رمزي بالصورة المثلى التي يجب ان يبعث بها الملك، حين يتخلد الى الابد مع ابيه الاله (رع). وهكذا يكون العمل النحتي، الوسيط ما بين الظاهرة الحسية الطبيعية بخصائصها المعروفة، وعالم الموجودات الروحية، في تفاعل كبير بين الصورة وجوهرها، وبين الشكل ومضمونه.
    وهكذا يمثل التكوين النحتي الملكي وسطا خاصا، من التداخل المتفاعل الحيوي، والمتبادل التأثير بين عناصره. فالشكل وعلاقته بالفضاء المعماري وماهية هذه العلاقة، وما ينتج عن هذا التفاعل من نظم العلاقات، من خصوصية الخطوط التي تحدد الاشكال وتداخلاتها مع الفضاء، وارتباط هذا التفاعل مع تأثير ملامس السطوح، وتأثرها بايقاع الضوء والظل، وهل ساهم الشكل في ابرازه، ام ان قيمته الجمالية قد ساهمت في ابراز وتنمية القيم الجمالية للشكل. وكذلك اللون وامتداداته النسبية، وماله من تأثير في صهر هذه البنية التركيبية لتأكيد خصوصيته من خلالها. انها البنية الكلية او تلك الخصوصية التي لا تدرك قيمتها الجمالية من خلال مجموع اجزائها، بل تجد فاعليتها في نظم العلاقات الجمالية المتفاعلة داخل دائرة التكوين النحتي.
    تمظهرت تماثيل الفراعنة، بنوع من نظام الزي الديني، كونها قد مثلت في فعاليات دينية، بالاضافة الى خضوعها الى التقاليد الكهنوتية التي تقرر انظمة الاشكال. فكان غطاء الرأس بسيطا، قوامه قطعة من القماش، وقد احكم ضبطها حول الرأس، فتدلى طرفيها على جانبي الصدر، وقد تميزت خطوطها بنوع من الحدة والهندسية، مكونة مظهرا صلبا لبنائية هذه المنطقة من التمثال. ذلك ان فاعلية الفكر الحضاري قد اولت الشكل نحو مظهر اخر يتفق مع المضامين الفكرية والرؤية التعبيرية للشكل . وفي بعض الاحيان، يكون غطاء الرأس بشكل تاج مخروطي طويل كعلامة معبرة عن جلا الملوكية، وكتأويل رمزي لبسط السيطرة على الارض المصرية. فهذا النوع من الاشكال الملكية، كانت مثقلة بمضامين عقلية، تمتزج بانفعالات الحياة وترتكز عليها. وازاء ما تتطلبه فعاليات التعبد من تصوف روحي، فقد كان لباس الجسم مختصرا، وقوامه بشكل وزرة قصيرة تتألف من ثلاث قطع، وقد لفت حول الخصر بحزام عريض . وقد تمكن النحات المصري بما اوتي به من خبرة كبيرة تستند الى التجريب المتواصل، من دراسة تفاصيل الازياء، مما اكسب بايقاعه انظمة الاشكال جمالية ملحوظة. وبشكل عام فان (غاندية) الزي المرتبطة بتماثيل الفراعنة، متأتية من بنيتها الروحية، حيث تعبر مضامينها عن الجسد الذي يوصل العالم المرئي المعاش، بالعالم اللامرئي، والذي يتجسد بعدد من المفاهيم الرمزية، والتي اريد بها تمثيل معتقدات الانسان بقواه الروحية الاولى.
    أستاذ مادة تاريخ الفن القديم
    كلية الفنون الجميلة – جامعة بغداد
    avatar
    Admin
    المدير العام للموقع
    المدير العام للموقع


    ذكر عدد المساهمات : 78
    تاريخ التسجيل : 06/04/2009

    النحت المصري Empty مححت التماثيل

    مُساهمة  Admin الثلاثاء أبريل 06, 2010 4:16 am

    مصر أم الدنيا … مصر بلد سخى عريق .. مصر بلد الحضارات .. هذه هى مصر التى عاش بها أجدادنا الفراعنة وبنوا واسسوا أعظم حضارة شهدها التاريخ نظراً لما تمثله هذه الحضارة من سحر وغموض وإثارة . فبها إستقر الانسان على ضفتى نهر النيل منذ نحو سبعة اَلاف عام قبل الميلاد وبعد أربعة اَلاف عام من إستقراره فى هذه المنطقة تعلم القراءة والكتابة واقام مجتمعات عمرانية وإزدهرت مصر رغم الصعوبات والصراعات الداخلية والغزو الخارجى . فهذه هى مصر بأهلها وشعبها فقد قال عنها المؤرخ اليونانى (هيرودوت) انها هبة النيل . ويتضح أن فكرة الحياة الأبدية وهى الحياة التى يعيشها الانسان بعد ما يموت لعبت دوراً رئيسياً فى حياة المصريين القدماء وملأت عليهم تفكيرهم إلى درجة ان الإعداد لهذه الحياة كان يبدأ بصفة عامة لدى الإنسان المصرى القديم وهو مازال فى ريعان شبابه . وكان أهم الضمانات للتمتع بحياة الخلود هو تشييد مقبرة منيعة الجوانب. وكان المصرى القديم يصنع لنفسه تمثال ويضعه فى مقبرته ويُعتبر أن السبب فى ذلك هو إعتقاد المصرى القديم بأن روحه ستعود له مرة أخرى فى المقبرة وعندما تأتى الروح وهى ما يعرف بأسم ( البا ) لابد أن تتعرف على صاحبها من خلال التمثال الذى ترى فيه وجه صاحبها . ولكن هذه النظرية لم تكن موجودة من قبل فى العصور الحجرية وعصور ما قبل التاريخ وإنما بدأت فى عصر الأسرات وغالبا منذ عصر الأسرة الثالثة فالملك زوسر صاحب الهرم المدرج له تمثال مصنوع من الحجر الجيرى وموجود حاليا بالمتحف المصرى بالقاهرة . ومنذ ذلك الحين إعتاد المصريين على صناعة التماثيل لذلك برع المصريين القدماء فى فن النحت فكل هذه التماثيل الرائعة لا يمكن أن تصنعها سوى يد ماهرة متمكنه . وكان لفن النحت فى هذه العصور الفرعونية أسلوب خاص وتقنيه إستخدمها المصرى القديم لإقتلاع كتل الحجر من المحاجر وهذه التقنية تختلف بإختلاف صلابة الحجر . فكانت الأحجار الأكثر ليونه تعالج مباشرة بواسطة الأزميل أما الصخور الصلبة فكان يعتمد فى معالجتها على الأسافين الخشبية من خلال إعداد ثقوب فى الحجر تحشر فيها الأسافين رويداً رويداً بعد بلها حتى يتشقق الحجر وفق خطوط منتظمة . وبعد إقتلاع كتله الحجر يجرى تهزيباً لها قبل نقلها الى الورشه وكمرحلة أولى يتم تشكيل كتلة الحجر لتحديد الإطار العام لما سيصبح تمثالاً وبعد ذلك وبالتدريج تتحدد ملامح التمثال العامة ولا سيما ملامح الرأس ثم توضع بعض اللمسات الدقيقة فى بطء حتى يرى النموذج النهائى النور ثم يقوم الفنان بإبراز الذراعين والساقين عن الجسد بتوضيح كل التفاصيل ثم يصقل التمثال صقلا نهائياً . أما الأدوات التى إستخدمها الفنانون القدماء فى صناعة التماثيل فهى فى أساسها أدوات حجرية وتضم هذه الأدوات ( بريمة من الظران ومصقلة ومثقاب وعجينة للحك والصقل ومطرقة وأزميل وفى النادر القليل تستخدم المناشير النحاسية ) . أما عن مادة صناعة التماثيل فإذا صنع التمثال من الحجر الجيرى أو من الحجر الرملى ففى الغالب يتم تلوينه . ويمكن أيضا أن تصنع التماثيل من مادة ( السيانيت ) أى من الحجر الأسوانى أو من مادة ( الكوارتزيت ) أو من ( الشست ) أما الألبستر فيستخدم عادة فى صناعة الأوانى ويندر إستخدامه فى صناعة التماثيل كما ظهرت أيضاً التماثيل الخشبية مثل تمثال ( كاعبر ) والمعروف بأسم شيخ البلد . وكما تختلف التماثيل من حيث مادة الحجر تختلف أيضاً من حيث الأحجام والأشكال وعلى سبيل المثال تماثيل الفرعون التى يتضح من خلالها أن يكون التمثال بحجم الإنسان الطبيعى أو يزيد على ذلك مثل تماثيل الملك ( رمسيس الثاتى ) فهذه التماثيل ينبغى أن تُمثِل


    تمثال رع حتب ونفرت مثال مصر أم الدنيا … مصر بلد سخى عريق .. مصر بلد الحضارات .. هذه هى مصر التى عاش بها أجدادنا الفراعنة وبنوا واسسوا أعظم حضارة شهدها التاريخ نظراً لما تمثله هذه الحضارة من سحر وغموض وإثارة . فبها إستقر الانسان على ضفتى نهر النيل منذ نحو سبعة اَلاف عام قبل الميلاد وبعد أربعة اَلاف عام من إستقراره فى هذه المنطقة تعلم القراءة والكتابة واقام مجتمعات عمرانية وإزدهرت مصر رغم الصعوبات والصراعات الداخلية والغزو الخارجى . فهذه هى مصر بأهلها وشعبها فقد قال عنها المؤرخ اليونانى (هيرودوت) انها هبة النيل . ويتضح أن فكرة الحياة الأبدية وهى الحياة التى يعيشها الانسان بعد ما يموت لعبت دوراً رئيسياً فى حياة المصريين القدماء وملأت عليهم تفكيرهم إلى درجة ان الإعداد لهذه الحياة كان يبدأ بصفة عامة لدى الإنسان المصرى القديم وهو مازال فى ريعان شبابه . وكان أهم الضمانات للتمتع بحياة الخلود هو تشييد مقبرة منيعة الجوانب. وكان المصرى القديم يصنع لنفسه تمثال ويضعه فى مقبرته ويُعتبر أن السبب فى ذلك هو إعتقاد المصرى القديم بأن روحه ستعود له مرة أخرى فى المقبرة وعندما تأتى الروح وهى ما يعرف بأسم ( البا ) لابد أن تتعرف على صاحبها من خلال التمثال الذى ترى فيه وجه صاحبها . ولكن هذه النظرية لم تكن موجودة من قبل فى العصور الحجرية وعصور ما قبل التاريخ وإنما بدأت فى عصر الأسرات وغالبا منذ عصر الأسرة الثالثة فالملك زوسر صاحب الهرم المدرج له تمثال مصنوع من الحجر الجيرى وموجود حاليا بالمتحف المصرى بالقاهرة . ومنذ ذلك الحين إعتاد المصريين على صناعة التماثيل لذلك برع المصريين القدماء فى فن النحت فكل هذه التماثيل الرائعة لا يمكن أن تصنعها سوى يد ماهرة متمكنه . وكان لفن النحت فى هذه العصور الفرعونية أسلوب خاص وتقنيه إستخدمها المصرى القديم لإقتلاع كتل الحجر من المحاجر وهذه التقنية تختلف بإختلاف صلابة الحجر . فكانت الأحجار الأكثر ليونه تعالج مباشرة بواسطة الأزميل أما الصخور الصلبة فكان يعتمد فى معالجتها على الأسافين الخشبية من خلال إعداد ثقوب فى الحجر تحشر فيها الأسافين رويداً رويداً بعد بلها حتى يتشقق الحجر وفق خطوط منتظمة . وبعد إقتلاع كتله الحجر يجرى تهزيباً لها قبل نقلها الى الورشه وكمرحلة أولى يتم تشكيل كتلة الحجر لتحديد الإطار العام لما سيصبح تمثالاً وبعد ذلك وبالتدريج تتحدد ملامح التمثال العامة ولا سيما ملامح الرأس ثم توضع بعض اللمسات الدقيقة فى بطء حتى يرى النموذج النهائى النور ثم يقوم الفنان بإبراز الذراعين والساقين عن الجسد بتوضيح كل التفاصيل ثم يصقل التمثال صقلا نهائياً . أما الأدوات التى إستخدمها الفنانون القدماء فى صناعة التماثيل فهى فى أساسها أدوات حجرية وتضم هذه الأدوات ( بريمة من الظران ومصقلة ومثقاب وعجينة للحك والصقل ومطرقة وأزميل وفى النادر القليل تستخدم المناشير النحاسية ) . أما عن مادة صناعة التماثيل فإذا صنع التمثال من الحجر الجيرى أو من الحجر الرملى ففى الغالب يتم تلوينه . ويمكن أيضا أن تصنع التماثيل من مادة ( السيانيت ) أى من الحجر الأسوانى أو من مادة ( الكوارتزيت ) أو من ( الشست ) أما الألبستر فيستخدم عادة فى صناعة الأوانى ويندر إستخدامه فى صناعة التماثيل كما ظهرت أيضاً التماثيل الخشبية مثل تمثال ( كاعبر ) والمعروف بأسم شيخ البلد . وكما تختلف التماثيل من حيث مادة الحجر تختلف أيضاً من حيث الأحجام والأشكال وعلى سبيل المثال تماثيل الفرعون التى يتضح من خلالها أن يكون التمثال بحجم الإنسان الطبيعى أو يزيد على ذلك مثل تماثيل الملك ( رمسيس الثاتى ) فهذه التماثيل ينبغى أن تُمثِل مكانته وهيبته على النحو الذى يُمثَل عليه جسده فالحجم يُِِمثِل السلطة والقوة والهيمنة . ويوجد شكل آخر من التماثيل وهو تماثيل الكتبة فهم دائماً فى وضع الجلوس التقليدى مع تشابك الرجلين فى إستعداد للكتابة مع وضع فرخ من ورق البردى على الركبتين وقلم من الحطب فى اليد . وهناك شكل ثالث من أشكال التماثيل وهو كما يوجد فى تماثيل الرجال والآلهة الواقفة وهى تتخذ خطوة للأمام بالقدم اليسرى وهذا الشكل يسمى ب ( الوضع الأوزيرى ) . كما ظهر نوع آخر من التماثيل فى عصر الدولة الوسطى يسمى ب ( تماثيل الكتلة ) حيث تبرز الرأس فقط من شكل الجسد الذى يتخذ شكل الكتلة الواحدة مثل تمثال ( القزم سنب ) وهو فى وضع الجلوس وذراعيه مثنيان فوق ركبتيه وتحت ذقنه ولديه نقش بالهيروغليفية على جسده . ويتضح أيضا أن النحاتون المصريون حققوا تأثيرات بصرية رائعة وبارزة فى أعمالهم الفنية من خلال تطعيم عيون التماثيل بغرس عيون مصنوعة من الكريستال الملون أو الأوبسيديان وهو زجاج أخضر قاتم اللون أو أسود مما يضفى على التمثال تأثيرا واقعيا ومروعا للغايه . وهذا ما هو ملحوظ بتمثال ( الأمير رع حتب وزوجته) بهذا الشكل : هذا التمثال الرائع الجذاب المصنوع بطريقة فنية تحققت فيها جميع أشكال الجودة والتقنية العالية التى توهم رائى هذا التمثال بأن( رع حتب وزوجته) أشخاص حقيقية تجلس أمامه . فما أروع يد الفنان التى مَثلت هذه التحفة العبقرية التى حازت على كل التقدير والإحترام ولأن هذا التمثال يعتبر محل إعجاب من جميع زائريه لذلك فهو يستحق الحديث عنه بكلمات عطرة وأحرف من نور . وهو تمثال جماعى للأمير( رع حتب وزوجتة نفرت ) ممثلين بالوضع الجالس وهو موجود حالياً بالمتحف المصرى بالقاهرة . فقد عَثر على هذا التمثال ( ماريت باشا ) بمقبرة رع حتب فى ميدوم وكان التمثال موجود خلف جدار من الطوب بالجانب الشمالى من المقبرة وكان أثناء أعمال الحفائر بهذه المقبرة لاحظ أحد العمال وجود عدم إستواء فى أحد جدران المقبرة وذلك جعلهم يصنعون فتحة فى هذا الحائط ليروا ما خلفه ولكن الشىء المضحك أن العمال اُصيبوا بالرعب والفزع لأن أشعه المشاعل سقطت على عيون التماثيل المطعمة بألوانها الحيه إنعكس منها بريق أخافهم ومع صدق تعبير الوجهين شعروا بأنهم أمام أشخاص حقيقية . وكان السبب الحقيقى فى جعل هذا التمثال الجماعى خلف جدار وكأنه غير موجود بالمقبرة هو أن (رع حتب وزوجته) عاشوا فى فترة حكم الملك ( خوفو ) الذى أصدرفرمان بمنع صناعة أى تماثيل لغير الملوك والمعبودات كما أنه جعل رجاله يفتشون عن أى تماثيل موجودة لدى الأفراد لغير الملوك و المعبودات ويقوموا بتحطيمها لذلك خافا (رع حتب وزوجته ) على تمثالهم لأنه إستغرق منهم وقت وأموال فى صناعته كما أنه ليس من السهلا أن تحطم هذه التحفة الأخاذة فقد قرروا أن يخفوا هذا التمثال . وكان التمثـال موضــوع بالركن الـغـربى من المـقـبرة لـكـن (رع حتب ) إضطر الى إعادة تقسيم المقبرة حتى يوضع التمثال بالجانب الشمالى ونظراً لأن التمثال جماعى فهو ملتصق ببعضه أى أنه كتلة واحدة ومدخل الجانب الشمالى لا يتسع لدخول التمثال كله كتلة واحدة لأنه كبير لذلك تم فصله نصفين ولهذا أصبح كل من (رع حتب ) و(نفرت) يجلسان على كرسيين منفصلين . وإرتفاع هذا التمثال حوالى 120سم وطوله 69سم أما العرض 51 سم . والأمير (رع حتب) يجلس على كرسى له مسند ظهر يمتد إلى ما بعد الكتفين وقد سجل عليه ألقابه ومنها :رئيس الجند - كبير فلكى ايونو – رئيس الأعمال المعمارية – رئيس الجيش. بهذا الشكل … ويُعتقد أن الأمير (رع حتب) أحد أبناء الملك (سنفرو) وهو أول ملوك الاسرة الرابعة وأنه أخ للملك (خوفو) الذى تولى العرش بعد أبيه الملك (سنفرو) . ورع حتب ممثل بالشعر الطبيعى وملون باللون الأسود أما عن ملامح وجهه فهى تدل على ملامح الوجه القاسى الذى يعبر عن الحزم والصرامة وذلك من مميزات فن النحت فى الأسرة الرابعة . والعين مطعمة بمادة (الكوارتزيت) والمقلة بمادة (الإبسيديان ) وتتميز هذه العين بالإتساع غير أن أجمل ما فيها أنها تبدو طبيعية للغاية أما الأنف فتبدو كبيرة بفتحات صغيرة نسبيا والفم صغير ومحاط بعضلة قوية والتمثال له شارب أسود اللون وهذه من المرات القليلة التى تظهر فيها تماثيل الرجال بشارب كما أن لديه رقبة غليظة قصيرة وأذنه كبيرة نسبيا . والأمير يرتدى قلادة فى رقبته ويحتمل أن تكون تميمة وهى شكل صغير بهيئة قلب أو ربما تكون زهرة . وأكتاف الأمير عريضة وعضلات جسده واضحة وهو يضع ذراعه الأيسر على فخذه الأيسر بقبضة يد مغلقة وفى وضع رأسى وذراعه الأيمن مثنى أسفل صدره بقبضة يد مغلقة . والأمير (رع حتب) يرتدى نقبة قصيرة تصل حتى ركبتيه وعقدتها عليها نفسها وأخذت اللون الأبيض وقدم الأمير إلى جانب بعضها وترتكز على قاعدة حجرية خالية من أى نقوش هيروغليفية . أما عن تمثال الزوجة وهى الأميرة (نفرت) فهى أيضاً جالسة على كرسى بمسند ظهر يمتد إلى ما بعد الكتفين وأستغل الفنان هذا المسند لكتابة إسمها ولقبها حيث أنها أخذت لقب ( رخت نسو) بمعنى المعروفة لدى الملك وهو لقب حقيقى حيث أنها زوجة إبن الملك أما بعد ذلك فقد أخذت بعض النساء هذا اللقب بدون أن يكون لهم صلة قرابة بالملك .و(نفرت) ترتدى باروكة قصيرة ترتكز على العنق والكتفين ويظهر الشعر الطبيعى من أسفل الباروكة وهو أسود اللون وترتدى أيضاً إكليل على رأسها ومزين بأشكال الزهور . وملامح وجهها تبدو عليها الحزم والصرامة فالعين مطعمة بالكوارتزيت ومقلة العين بالابسيديان وعينها واسعة وتبدو كأنها طبيعية أما الأنف فهى كبيرة بفتحات ضيقة وفمها محاط بعضلة قوية ورقبتها قصيرة غليظة وترتدى قلادة عريضة تعرف بإسم (قلادة الأوسخ )والتى تتميز بأن ألوانها متعددة وجذابة . وترتدى الأميرة على جسدها عباءة طويلة حابكة تظهر مفاتنها ولونها أبيض ولها فتحة من أعلى تمتد حتى أسفل الصدر وهى ترتدى من تحت العباءة رداء آخر تظهر حمالته على كتفيها . تضع نفرت ذراعها الأيمن فوق الأيسر بكفة يد مفرودة وهى تمسك طرف العباءة بيدها اليمنى وترتكز قدميها على قاعدة حجرية . ويلاحظ أن الفنان المصرى القديم وضع بعض لمساته الفنية الدقيقة جعلت من التمثال تحفة فنية رائعة حيث فرق الفنان بين لون بشرة الرجل وزوجته ولأن هذا التمثال صنع من الحجر الجيرى لذلك تم تلوينه وقد لون جسد الأمير (رع حتب ) بلون البشرة السمراء المحمرة وجسد الأميرة (نفرت ) أخذ اللون الأبيض المصفر . فما أعظم أجدادنا الفراعنة القدماء الذين خلفوا لنا كل هذه الحضارة العظيمة الزاخرة بأجمل المقتنيات الرائعة !. *اسماء المراجع …. 1- دكتور عبد العزيز صالح , حضارة مصر القديمة واثارها , القاهرة , 2006 . 2- انارويز , روح مصر القديمة ,
    avatar
    Admin
    المدير العام للموقع
    المدير العام للموقع


    ذكر عدد المساهمات : 78
    تاريخ التسجيل : 06/04/2009

    النحت المصري Empty عن مجلة الاثار الاكترونينه براعة الفنانبن القدماء في نحت التماثيل تمثال رع حتب ونفرت مثال

    مُساهمة  Admin الثلاثاء أبريل 06, 2010 4:20 am

    عن مجلة الاثار الالكترونية براعة الفنانين القدماء فى نحت التماثيل تمثال رع حتب ونفرت مثال مصر أم الدنيا … مصر بلد سخى عريق .. مصر بلد الحضارات .. هذه هى مصر التى عاش بها أجدادنا الفراعنة وبنوا واسسوا أعظم حضارة شهدها التاريخ نظراً لما تمثله هذه الحضارة من سحر وغموض وإثارة . فبها إستقر الانسان على ضفتى نهر النيل منذ نحو سبعة اَلاف عام قبل الميلاد وبعد أربعة اَلاف عام من إستقراره فى هذه المنطقة تعلم القراءة والكتابة واقام مجتمعات عمرانية وإزدهرت مصر رغم الصعوبات والصراعات الداخلية والغزو الخارجى . فهذه هى مصر بأهلها وشعبها فقد قال عنها المؤرخ اليونانى (هيرودوت) انها هبة النيل . ويتضح أن فكرة الحياة الأبدية وهى الحياة التى يعيشها الانسان بعد ما يموت لعبت دوراً رئيسياً فى حياة المصريين القدماء وملأت عليهم تفكيرهم إلى درجة ان الإعداد لهذه الحياة كان يبدأ بصفة عامة لدى الإنسان المصرى القديم وهو مازال فى ريعان شبابه . وكان أهم الضمانات للتمتع بحياة الخلود هو تشييد مقبرة منيعة الجوانب. وكان المصرى القديم يصنع لنفسه تمثال ويضعه فى مقبرته ويُعتبر أن السبب فى ذلك هو إعتقاد المصرى القديم بأن روحه ستعود له مرة أخرى فى المقبرة وعندما تأتى الروح وهى ما يعرف بأسم ( البا ) لابد أن تتعرف على صاحبها من خلال التمثال الذى ترى فيه وجه صاحبها . ولكن هذه النظرية لم تكن موجودة من قبل فى العصور الحجرية وعصور ما قبل التاريخ وإنما بدأت فى عصر الأسرات وغالبا منذ عصر الأسرة الثالثة فالملك زوسر صاحب الهرم المدرج له تمثال مصنوع من الحجر الجيرى وموجود حاليا بالمتحف المصرى بالقاهرة . ومنذ ذلك الحين إعتاد المصريين على صناعة التماثيل لذلك برع المصريين القدماء فى فن النحت فكل هذه التماثيل الرائعة لا يمكن أن تصنعها سوى يد ماهرة متمكنه . وكان لفن النحت فى هذه العصور الفرعونية أسلوب خاص وتقنيه إستخدمها المصرى القديم لإقتلاع كتل الحجر من المحاجر وهذه التقنية تختلف بإختلاف صلابة الحجر . فكانت الأحجار الأكثر ليونه تعالج مباشرة بواسطة الأزميل أما الصخور الصلبة فكان يعتمد فى معالجتها على الأسافين الخشبية من خلال إعداد ثقوب فى الحجر تحشر فيها الأسافين رويداً رويداً بعد بلها حتى يتشقق الحجر وفق خطوط منتظمة . وبعد إقتلاع كتله الحجر يجرى تهزيباً لها قبل نقلها الى الورشه وكمرحلة أولى يتم تشكيل كتلة الحجر لتحديد الإطار العام لما سيصبح تمثالاً وبعد ذلك وبالتدريج تتحدد ملامح التمثال العامة ولا سيما ملامح الرأس ثم توضع بعض اللمسات الدقيقة فى بطء حتى يرى النموذج النهائى النور ثم يقوم الفنان بإبراز الذراعين والساقين عن الجسد بتوضيح كل التفاصيل ثم يصقل التمثال صقلا نهائياً . أما الأدوات التى إستخدمها الفنانون القدماء فى صناعة التماثيل فهى فى أساسها أدوات حجرية وتضم هذه الأدوات ( بريمة من الظران ومصقلة ومثقاب وعجينة للحك والصقل ومطرقة وأزميل وفى النادر القليل تستخدم المناشير النحاسية ) . أما عن مادة صناعة التماثيل فإذا صنع التمثال من الحجر الجيرى أو من الحجر الرملى ففى الغالب يتم تلوينه . ويمكن أيضا أن تصنع التماثيل من مادة ( السيانيت ) أى من الحجر الأسوانى أو من مادة ( الكوارتزيت ) أو من ( الشست ) أما الألبستر فيستخدم عادة فى صناعة الأوانى ويندر إستخدامه فى صناعة التماثيل كما ظهرت أيضاً التماثيل الخشبية مثل تمثال ( كاعبر ) والمعروف بأسم شيخ البلد . وكما تختلف التماثيل من حيث مادة الحجر تختلف أيضاً من حيث الأحجام والأشكال وعلى سبيل المثال تماثيل الفرعون التى يتضح من خلالها أن يكون التمثال بحجم الإنسان الطبيعى أو يزيد على ذلك مثل تماثيل الملك ( رمسيس الثاتى ) فهذه التماثيل ينبغى أن تُمثِل مكانته وهيبته على النحو الذى يُمثَل عليه جسده فالحجم يُِِمثِل السلطة والقوة والهيمنة . ويوجد شكل آخر من التماثيل وهو تماثيل الكتبة فهم دائماً فى وضع الجلوس التقليدى مع تشابك الرجلين فى إستعداد للكتابة مع وضع فرخ من ورق البردى على الركبتين وقلم من الحطب فى اليد . وهناك شكل ثالث من أشكال التماثيل وهو كما يوجد فى تماثيل الرجال والآلهة الواقفة وهى تتخذ خطوة للأمام بالقدم اليسرى وهذا الشكل يسمى ب ( الوضع الأوزيرى ) . كما ظهر نوع آخر من التماثيل فى عصر الدولة الوسطى يسمى ب ( تماثيل الكتلة ) حيث تبرز الرأس فقط من شكل الجسد الذى يتخذ شكل الكتلة الواحدة مثل تمثال ( القزم سنب ) وهو فى وضع الجلوس وذراعيه مثنيان فوق ركبتيه وتحت ذقنه ولديه نقش بالهيروغليفية على جسده . ويتضح أيضا أن النحاتون المصريون حققوا تأثيرات بصرية رائعة وبارزة فى أعمالهم الفنية من خلال تطعيم عيون التماثيل بغرس عيون مصنوعة من الكريستال الملون أو الأوبسيديان وهو زجاج أخضر قاتم اللون أو أسود مما يضفى على التمثال تأثيرا واقعيا ومروعا للغايه . وهذا ما هو ملحوظ بتمثال ( الأمير رع حتب وزوجته) بهذا الشكل : هذا التمثال الرائع الجذاب المصنوع بطريقة فنية تحققت فيها جميع أشكال الجودة والتقنية العالية التى توهم رائى هذا التمثال بأن( رع حتب وزوجته) أشخاص حقيقية تجلس أمامه . فما أروع يد الفنان التى مَثلت هذه التحفة العبقرية التى حازت على كل التقدير والإحترام ولأن هذا التمثال يعتبر محل إعجاب من جميع زائريه لذلك فهو يستحق الحديث عنه بكلمات عطرة وأحرف من نور . وهو تمثال جماعى للأمير( رع حتب وزوجتة نفرت ) ممثلين بالوضع الجالس وهو موجود حالياً بالمتحف المصرى بالقاهرة . فقد عَثر على هذا التمثال ( ماريت باشا ) بمقبرة رع حتب فى ميدوم وكان التمثال موجود خلف جدار من الطوب بالجانب الشمالى من المقبرة وكان أثناء أعمال الحفائر بهذه المقبرة لاحظ أحد العمال وجود عدم إستواء فى أحد جدران المقبرة وذلك جعلهم يصنعون فتحة فى هذا الحائط ليروا ما خلفه ولكن الشىء المضحك أن العمال اُصيبوا بالرعب والفزع لأن أشعه المشاعل سقطت على عيون التماثيل المطعمة بألوانها الحيه إنعكس منها بريق أخافهم ومع صدق تعبير الوجهين شعروا بأنهم أمام أشخاص حقيقية . وكان السبب الحقيقى فى جعل هذا التمثال الجماعى خلف جدار وكأنه غير موجود بالمقبرة هو أن (رع حتب وزوجته) عاشوا فى فترة حكم الملك ( خوفو ) الذى أصدرفرمان بمنع صناعة أى تماثيل لغير الملوك والمعبودات كما أنه جعل رجاله يفتشون عن أى تماثيل موجودة لدى الأفراد لغير الملوك و المعبودات ويقوموا بتحطيمها لذلك خافا (رع حتب وزوجته ) على تمثالهم لأنه إستغرق منهم وقت وأموال فى صناعته كما أنه ليس من السهلا أن تحطم هذه التحفة الأخاذة فقد قرروا أن يخفوا هذا التمثال . وكان التمثـال موضــوع بالركن الـغـربى من المـقـبرة لـكـن (رع حتب ) إضطر الى إعادة تقسيم المقبرة حتى يوضع التمثال بالجانب الشمالى ونظراً لأن التمثال جماعى فهو ملتصق ببعضه أى أنه كتلة واحدة ومدخل الجانب الشمالى لا يتسع لدخول التمثال كله كتلة واحدة لأنه كبير لذلك تم فصله نصفين ولهذا أصبح كل من (رع حتب ) و(نفرت) يجلسان على كرسيين منفصلين . وإرتفاع هذا التمثال حوالى 120سم وطوله 69سم أما العرض 51 سم . والأمير (رع حتب) يجلس على كرسى له مسند ظهر يمتد إلى ما بعد الكتفين وقد سجل عليه ألقابه ومنها :رئيس الجند - كبير فلكى ايونو – رئيس الأعمال المعمارية – رئيس الجيش. بهذا الشكل … ويُعتقد أن الأمير (رع حتب) أحد أبناء الملك (سنفرو) وهو أول ملوك الاسرة الرابعة وأنه أخ للملك (خوفو) الذى تولى العرش بعد أبيه الملك (سنفرو) . ورع حتب ممثل بالشعر الطبيعى وملون باللون الأسود أما عن ملامح وجهه فهى تدل على ملامح الوجه القاسى الذى يعبر عن الحزم والصرامة وذلك من مميزات فن النحت فى الأسرة الرابعة . والعين مطعمة بمادة (الكوارتزيت) والمقلة بمادة (الإبسيديان ) وتتميز هذه العين بالإتساع غير أن أجمل ما فيها أنها تبدو طبيعية للغاية أما الأنف فتبدو كبيرة بفتحات صغيرة نسبيا والفم صغير ومحاط بعضلة قوية والتمثال له شارب أسود اللون وهذه من المرات القليلة التى تظهر فيها تماثيل الرجال بشارب كما أن لديه رقبة غليظة قصيرة وأذنه كبيرة نسبيا . والأمير يرتدى قلادة فى رقبته ويحتمل أن تكون تميمة وهى شكل صغير بهيئة قلب أو ربما تكون زهرة . وأكتاف الأمير عريضة وعضلات جسده واضحة وهو يضع ذراعه الأيسر على فخذه الأيسر بقبضة يد مغلقة وفى وضع رأسى وذراعه الأيمن مثنى أسفل صدره بقبضة يد مغلقة . والأمير (رع حتب) يرتدى نقبة قصيرة تصل حتى ركبتيه وعقدتها عليها نفسها وأخذت اللون الأبيض وقدم الأمير إلى جانب بعضها وترتكز على قاعدة حجرية خالية من أى نقوش هيروغليفية . أما عن تمثال الزوجة وهى الأميرة (نفرت) فهى أيضاً جالسة على كرسى بمسند ظهر يمتد إلى ما بعد الكتفين وأستغل الفنان هذا المسند لكتابة إسمها ولقبها حيث أنها أخذت لقب ( رخت نسو) بمعنى المعروفة لدى الملك وهو لقب حقيقى حيث أنها زوجة إبن الملك أما بعد ذلك فقد أخذت بعض النساء هذا اللقب بدون أن يكون لهم صلة قرابة بالملك .و(نفرت) ترتدى باروكة قصيرة ترتكز على العنق والكتفين ويظهر الشعر الطبيعى من أسفل الباروكة وهو أسود اللون وترتدى أيضاً إكليل على رأسها ومزين بأشكال الزهور . وملامح وجهها تبدو عليها الحزم والصرامة فالعين مطعمة بالكوارتزيت ومقلة العين بالابسيديان وعينها واسعة وتبدو كأنها طبيعية أما الأنف فهى كبيرة بفتحات ضيقة وفمها محاط بعضلة قوية ورقبتها قصيرة غليظة وترتدى قلادة عريضة تعرف بإسم (قلادة الأوسخ )والتى تتميز بأن ألوانها متعددة وجذابة . وترتدى الأميرة على جسدها عباءة طويلة حابكة تظهر مفاتنها ولونها أبيض ولها فتحة من أعلى تمتد حتى أسفل الصدر وهى ترتدى من تحت العباءة رداء آخر تظهر حمالته على كتفيها . تضع نفرت ذراعها الأيمن فوق الأيسر بكفة يد مفرودة وهى تمسك طرف العباءة بيدها اليمنى وترتكز قدميها على قاعدة حجرية . ويلاحظ أن الفنان المصرى القديم وضع بعض لمساته الفنية الدقيقة جعلت من التمثال تحفة فنية رائعة حيث فرق الفنان بين لون بشرة الرجل وزوجته ولأن هذا التمثال صنع من الحجر الجيرى لذلك تم تلوينه وقد لون جسد الأمير (رع حتب ) بلون البشرة السمراء المحمرة وجسد الأميرة (نفرت ) أخذ اللون الأبيض المصفر . فما أعظم أجدادنا الفراعنة القدماء الذين خلفوا لنا كل هذه الحضارة العظيمة الزاخرة بأجمل المقتنيات الرائعة !. *اسماء المراجع …. 1- دكتور عبد العزيز صالح , حضارة مصر القديمة واثارها , القاهرة , 2006 . 2- انارويز , روح مصر القديمة , ترجمة إكرام يوسف , القاهرة , 2006 . 3-
    avatar
    Admin
    المدير العام للموقع
    المدير العام للموقع


    ذكر عدد المساهمات : 78
    تاريخ التسجيل : 06/04/2009

    النحت المصري Empty براعة الفنانين القدماء فى نحت التماثيل

    مُساهمة  Admin الثلاثاء أبريل 06, 2010 4:23 am

    براعة الفنانين القدماء فى نحت التماثيل تمثال رع حتب ونفرت مثال مصر أم الدنيا … مصر بلد سخى عريق .. مصر بلد الحضارات .. هذه هى مصر التى عاش بها أجدادنا الفراعنة وبنوا واسسوا أعظم حضارة شهدها التاريخ نظراً لما تمثله هذه الحضارة من سحر وغموض وإثارة . فبها إستقر الانسان على ضفتى نهر النيل منذ نحو سبعة اَلاف عام قبل الميلاد وبعد أربعة اَلاف عام من إستقراره فى هذه المنطقة تعلم القراءة والكتابة واقام مجتمعات عمرانية وإزدهرت مصر رغم الصعوبات والصراعات الداخلية والغزو الخارجى . فهذه هى مصر بأهلها وشعبها فقد قال عنها المؤرخ اليونانى (هيرودوت) انها هبة النيل . ويتضح أن فكرة الحياة الأبدية وهى الحياة التى يعيشها الانسان بعد ما يموت لعبت دوراً رئيسياً فى حياة المصريين القدماء وملأت عليهم تفكيرهم إلى درجة ان الإعداد لهذه الحياة كان يبدأ بصفة عامة لدى الإنسان المصرى القديم وهو مازال فى ريعان شبابه . وكان أهم الضمانات للتمتع بحياة الخلود هو تشييد مقبرة منيعة الجوانب. وكان المصرى القديم يصنع لنفسه تمثال ويضعه فى مقبرته ويُعتبر أن السبب فى ذلك هو إعتقاد المصرى القديم بأن روحه ستعود له مرة أخرى فى المقبرة وعندما تأتى الروح وهى ما يعرف بأسم ( البا ) لابد أن تتعرف على صاحبها من خلال التمثال الذى ترى فيه وجه صاحبها . ولكن هذه النظرية لم تكن موجودة من قبل فى العصور الحجرية وعصور ما قبل التاريخ وإنما بدأت فى عصر الأسرات وغالبا منذ عصر الأسرة الثالثة فالملك زوسر صاحب الهرم المدرج له تمثال مصنوع من الحجر الجيرى وموجود حاليا بالمتحف المصرى بالقاهرة . ومنذ ذلك الحين إعتاد المصريين على صناعة التماثيل لذلك برع المصريين القدماء فى فن النحت فكل هذه التماثيل الرائعة لا يمكن أن تصنعها سوى يد ماهرة متمكنه . وكان لفن النحت فى هذه العصور الفرعونية أسلوب خاص وتقنيه إستخدمها المصرى القديم لإقتلاع كتل الحجر من المحاجر وهذه التقنية تختلف بإختلاف صلابة الحجر . فكانت الأحجار الأكثر ليونه تعالج مباشرة بواسطة الأزميل أما الصخور الصلبة فكان يعتمد فى معالجتها على الأسافين الخشبية من خلال إعداد ثقوب فى الحجر تحشر فيها الأسافين رويداً رويداً بعد بلها حتى يتشقق الحجر وفق خطوط منتظمة . وبعد إقتلاع كتله الحجر يجرى تهزيباً لها قبل نقلها الى الورشه وكمرحلة أولى يتم تشكيل كتلة الحجر لتحديد الإطار العام لما سيصبح تمثالاً وبعد ذلك وبالتدريج تتحدد ملامح التمثال العامة ولا سيما ملامح الرأس ثم توضع بعض اللمسات الدقيقة فى بطء حتى يرى النموذج النهائى النور ثم يقوم الفنان بإبراز الذراعين والساقين عن الجسد بتوضيح كل التفاصيل ثم يصقل التمثال صقلا نهائياً . أما الأدوات التى إستخدمها الفنانون القدماء فى صناعة التماثيل فهى فى أساسها أدوات حجرية وتضم هذه الأدوات ( بريمة من الظران ومصقلة ومثقاب وعجينة للحك والصقل ومطرقة وأزميل وفى النادر القليل تستخدم المناشير النحاسية ) . أما عن مادة صناعة التماثيل فإذا صنع التمثال من الحجر الجيرى أو من الحجر الرملى ففى الغالب يتم تلوينه . ويمكن أيضا أن تصنع التماثيل من مادة ( السيانيت ) أى من الحجر الأسوانى أو من مادة ( الكوارتزيت ) أو من ( الشست ) أما الألبستر فيستخدم عادة فى صناعة الأوانى ويندر إستخدامه فى صناعة التماثيل كما ظهرت أيضاً التماثيل الخشبية مثل تمثال ( كاعبر ) والمعروف بأسم شيخ البلد . وكما تختلف التماثيل من حيث مادة الحجر تختلف أيضاً من حيث الأحجام والأشكال وعلى سبيل المثال تماثيل الفرعون التى يتضح من خلالها أن يكون التمثال بحجم الإنسان الطبيعى أو يزيد على ذلك مثل تماثيل الملك ( رمسيس الثاتى ) فهذه التماثيل ينبغى أن تُمثِل مكانته وهيبته على النحو الذى يُمثَل عليه جسده فالحجم يُِِمثِل السلطة والقوة والهيمنة . ويوجد شكل آخر من التماثيل وهو تماثيل الكتبة فهم دائماً فى وضع الجلوس التقليدى مع تشابك الرجلين فى إستعداد للكتابة مع وضع فرخ من ورق البردى على الركبتين وقلم من الحطب فى اليد . وهناك شكل ثالث من أشكال التماثيل وهو كما يوجد فى تماثيل الرجال والآلهة الواقفة وهى تتخذ خطوة للأمام بالقدم اليسرى وهذا الشكل يسمى ب ( الوضع الأوزيرى ) . كما ظهر نوع آخر من التماثيل فى عصر الدولة الوسطى يسمى ب ( تماثيل الكتلة ) حيث تبرز الرأس فقط من شكل الجسد الذى يتخذ شكل الكتلة الواحدة مثل تمثال ( القزم سنب ) وهو فى وضع الجلوس وذراعيه مثنيان فوق ركبتيه وتحت ذقنه ولديه نقش بالهيروغليفية على جسده . ويتضح أيضا أن النحاتون المصريون حققوا تأثيرات بصرية رائعة وبارزة فى أعمالهم الفنية من خلال تطعيم عيون التماثيل بغرس عيون مصنوعة من الكريستال الملون أو الأوبسيديان وهو زجاج أخضر قاتم اللون أو أسود مما يضفى على التمثال تأثيرا واقعيا ومروعا للغايه . وهذا ما هو ملحوظ بتمثال ( الأمير رع حتب وزوجته) بهذا الشكل : هذا التمثال الرائع الجذاب المصنوع بطريقة فنية تحققت فيها جميع أشكال الجودة والتقنية العالية التى توهم رائى هذا التمثال بأن( رع حتب وزوجته) أشخاص حقيقية تجلس أمامه . فما أروع يد الفنان التى مَثلت هذه التحفة العبقرية التى حازت على كل التقدير والإحترام ولأن هذا التمثال يعتبر محل إعجاب من جميع زائريه لذلك فهو يستحق الحديث عنه بكلمات عطرة وأحرف من نور . وهو تمثال جماعى للأمير( رع حتب وزوجتة نفرت ) ممثلين بالوضع الجالس وهو موجود حالياً بالمتحف المصرى بالقاهرة . فقد عَثر على هذا التمثال ( ماريت باشا ) بمقبرة رع حتب فى ميدوم وكان التمثال موجود خلف جدار من الطوب بالجانب الشمالى من المقبرة وكان أثناء أعمال الحفائر بهذه المقبرة لاحظ أحد العمال وجود عدم إستواء فى أحد جدران المقبرة وذلك جعلهم يصنعون فتحة فى هذا الحائط ليروا ما خلفه ولكن الشىء المضحك أن العمال اُصيبوا بالرعب والفزع لأن أشعه المشاعل سقطت على عيون التماثيل المطعمة بألوانها الحيه إنعكس منها بريق أخافهم ومع صدق تعبير الوجهين شعروا بأنهم أمام أشخاص حقيقية . وكان السبب الحقيقى فى جعل هذا التمثال الجماعى خلف جدار وكأنه غير موجود بالمقبرة هو أن (رع حتب وزوجته) عاشوا فى فترة حكم الملك ( خوفو ) الذى أصدرفرمان بمنع صناعة أى تماثيل لغير الملوك والمعبودات كما أنه جعل رجاله يفتشون عن أى تماثيل موجودة لدى الأفراد لغير الملوك و المعبودات ويقوموا بتحطيمها لذلك خافا (رع حتب وزوجته ) على تمثالهم لأنه إستغرق منهم وقت وأموال فى صناعته كما أنه ليس من السهلا أن تحطم هذه التحفة الأخاذة فقد قرروا أن يخفوا هذا التمثال . وكان التمثـال موضــوع بالركن الـغـربى من المـقـبرة لـكـن (رع حتب ) إضطر الى إعادة تقسيم المقبرة حتى يوضع التمثال بالجانب الشمالى ونظراً لأن التمثال جماعى فهو ملتصق ببعضه أى أنه كتلة واحدة ومدخل الجانب الشمالى لا يتسع لدخول التمثال كله كتلة واحدة لأنه كبير لذلك تم فصله نصفين ولهذا أصبح كل من (رع حتب ) و(نفرت) يجلسان على كرسيين منفصلين . وإرتفاع هذا التمثال حوالى 120سم وطوله 69سم أما العرض 51 سم . والأمير (رع حتب) يجلس على كرسى له مسند ظهر يمتد إلى ما بعد الكتفين وقد سجل عليه ألقابه ومنها :رئيس الجند - كبير فلكى ايونو – رئيس الأعمال المعمارية – رئيس الجيش. بهذا الشكل … ويُعتقد أن الأمير (رع حتب) أحد أبناء الملك (سنفرو) وهو أول ملوك الاسرة الرابعة وأنه أخ للملك (خوفو) الذى تولى العرش بعد أبيه الملك (سنفرو) . ورع حتب ممثل بالشعر الطبيعى وملون باللون الأسود أما عن ملامح وجهه فهى تدل على ملامح الوجه القاسى الذى يعبر عن الحزم والصرامة وذلك من مميزات فن النحت فى الأسرة الرابعة . والعين مطعمة بمادة (الكوارتزيت) والمقلة بمادة (الإبسيديان ) وتتميز هذه العين بالإتساع غير أن أجمل ما فيها أنها تبدو طبيعية للغاية أما الأنف فتبدو كبيرة بفتحات صغيرة نسبيا والفم صغير ومحاط بعضلة قوية والتمثال له شارب أسود اللون وهذه من المرات القليلة التى تظهر فيها تماثيل الرجال بشارب كما أن لديه رقبة غليظة قصيرة وأذنه كبيرة نسبيا . والأمير يرتدى قلادة فى رقبته ويحتمل أن تكون تميمة وهى شكل صغير بهيئة قلب أو ربما تكون زهرة . وأكتاف الأمير عريضة وعضلات جسده واضحة وهو يضع ذراعه الأيسر على فخذه الأيسر بقبضة يد مغلقة وفى وضع رأسى وذراعه الأيمن مثنى أسفل صدره بقبضة يد مغلقة . والأمير (رع حتب) يرتدى نقبة قصيرة تصل حتى ركبتيه وعقدتها عليها نفسها وأخذت اللون الأبيض وقدم الأمير إلى جانب بعضها وترتكز على قاعدة حجرية خالية من أى نقوش هيروغليفية . أما عن تمثال الزوجة وهى الأميرة (نفرت) فهى أيضاً جالسة على كرسى بمسند ظهر يمتد إلى ما بعد الكتفين وأستغل الفنان هذا المسند لكتابة إسمها ولقبها حيث أنها أخذت لقب ( رخت نسو) بمعنى المعروفة لدى الملك وهو لقب حقيقى حيث أنها زوجة إبن الملك أما بعد ذلك فقد أخذت بعض النساء هذا اللقب بدون أن يكون لهم صلة قرابة بالملك .و(نفرت) ترتدى باروكة قصيرة ترتكز على العنق والكتفين ويظهر الشعر الطبيعى من أسفل الباروكة وهو أسود اللون وترتدى أيضاً إكليل على رأسها ومزين بأشكال الزهور . وملامح وجهها تبدو عليها الحزم والصرامة فالعين مطعمة بالكوارتزيت ومقلة العين بالابسيديان وعينها واسعة وتبدو كأنها طبيعية أما الأنف فهى كبيرة بفتحات ضيقة وفمها محاط بعضلة قوية ورقبتها قصيرة غليظة وترتدى قلادة عريضة تعرف بإسم (قلادة الأوسخ )والتى تتميز بأن ألوانها متعددة وجذابة . وترتدى الأميرة على جسدها عباءة طويلة حابكة تظهر مفاتنها ولونها أبيض ولها فتحة من أعلى تمتد حتى أسفل الصدر وهى ترتدى من تحت العباءة رداء آخر تظهر حمالته على كتفيها . تضع نفرت ذراعها الأيمن فوق الأيسر بكفة يد مفرودة وهى تمسك طرف العباءة بيدها اليمنى وترتكز قدميها على قاعدة حجرية . ويلاحظ أن الفنان المصرى القديم وضع بعض لمساته الفنية الدقيقة جعلت من التمثال تحفة فنية رائعة حيث فرق الفنان بين لون بشرة الرجل وزوجته ولأن هذا التمثال صنع من الحجر الجيرى لذلك تم تلوينه وقد لون جسد الأمير (رع حتب ) بلون البشرة السمراء المحمرة وجسد الأميرة (نفرت ) أخذ اللون الأبيض المصفر . فما أعظم أجدادنا الفراعنة القدماء الذين خلفوا لنا كل هذه الحضارة العظيمة الزاخرة بأجمل المقتنيات الرائعة !.
    avatar
    Admin
    المدير العام للموقع
    المدير العام للموقع


    ذكر عدد المساهمات : 78
    تاريخ التسجيل : 06/04/2009

    النحت المصري Empty New Wordpad Document (3)

    مُساهمة  Admin الثلاثاء أبريل 06, 2010 4:25 am

    قد جرت تقاليد فن النحت فى عصور مصر التاريخية على ما جرت عليه تقاليد فن الرسم والتصوير سواء بسواء, فشاركتها دلالات الخلود وشاركتها حب البساطة والوضوح كما شاركتها فى وسائل التنفيذ, وسلكت هى الأخرى سبيلين : سبيلا سلكته فى نحت تماثيل الأرباب والخواص من الناس, وسبيلا آخر سلكته فى نحت تماثيل الاتباع.
    وقد تعمد المثالون فى سبيلهم الأول, ان يميزوا تماثيل الأرباب والفراعنة أصحاب المقابر باستقامة الهيئة ووحدة الاتجاه.
    فنحتوا جذوع تماثيلهم العليا منتصبة دائما, حين الوقوف وحين الجلوس, ووجهوا أبصارهم الى الأمام فى اتجاه مستقيم, فبدت تتطلع لاصحابها الى مستقبل طويل بعيد وخلود مقيم, ونحتوا رؤوسها على استقامة كاملة لا تلتفت يمنه ولا يسرة, فيما خلا الميلة الخفيفة تميلها الرأس أحيانا فى التماثيل الخشبية الواقفة بحيث تبدوا كأنها تساعد صاحبها على المضي الى الأمام – او الخفيفة تميلها الرأس أحيانا إلى اسفل حين يتخذ صاحبها جلسة الكتاب والقراء.
    وتعمد المثالون مرة أخري ان يكدوا مظاهر الهدوء والوقار فيمن مثلوهم من كبار الناس, وحققوا غرضهم هذا بأن ميزوا تماثيلهم باستقرار أوضاعها وباعدوا بين هيئاتها وملامحها وبين مظاهر العنف, ولم يهتموا بتمثيل الحركة العارضة فيها, وتجنبوا مد أطرافها مدا يجافى توازنها ويعرضها للكسر واكتفوا بمد أطرافها فى وضعيهما : تقديم ساق الرجل اليسرى حين وقوفه,رمزا الى اعتزامه الخطو, ورمزا الى نشاطه فى السعي ثم تقديم يدة اليسرى فى تمثاله الخشبي وتمثاله المعدني ليقبض بها على عصاه التي يستعين بها في سيره ويعبر بها عن وجاهته ورياسته وأهميته.
    وقد استقر امر التماثيل المصرية فيما تقيدت به من استقامة الهيئة, ووحدة الاتجاه, ومظاهر الهدوء والاتزان نتيجة لاستقرار مذاهب الدين ومذاهب الفن عند أهلها ونتيجة لاستقرار الغايات التى كانت تنحت من اجلها ونتيجة كذلك لقداسة المواضع التى كانت توضع فيها فتماثيل المصريين او الغالبية من تماثيلهم على اقل تقدير خصصتها مذاهب مجتمعهم ومعتقدات دينهم لأغراض الآخرة والخلود, وأغراض العبادة والتعبد اكثر مما خصصتها لتعرضها على الملا او لتقلد بها أوضاعا دنيوية مؤقتة عارضة وتخيرت لها تبعا لذلك مواضع تناسبها فى مقابر أصحابها ومعابد الأرباب ومعابد الفراعنة

    النحت فى الدولة القديمة
    بلغت صناعة التماثيل درجة كبيرة من الدقة في الدولة القديمة وقد استخدم الفنان فى صناعتها مختلف المواد التى وجدها تحت يده, ويلاحظ ان التماثيل فى ذلك العهد كانت تصنع بغرض وضعها فى سرداب الدفن.
    لذلك كانت تنحت بدقة من الجهة الأمامية أما الأجزاء الخلفية فلا يعنى بنحتها.
    عبر الفنان فى تماثيله الملكية عن اعتقاده بجلاله وقدسية الفرعون, لذلك ظهرت تماثيل ساكنة يتسم وجودها بالوقار, ومثال ذلك الملك زوسر بالحجم الطبيعي الذي يمثله في 7سن متقدمة جالسا ويده اليمنى موضوعه على صدره, اما اليسرى فموضوعه على ركبته, ويتسم وجه هذا التمثال بطابع الصرامة ووقار الملك, كما يظهر به أثار ألوان , ولقد وجد هذا التمثال فى حالة سيئة لا تمكننا من داسته حتى نستطيع التعرف على تطور فن النحت فى الأسرة الثالثة.
    وقد جرت العادة فى الدولة القديمة على تلوين التماثيل المصنوعة من الحجر الجيري, فأجسام الرجال تلون باللون الأحمر البنى واجسام النساء باللون الأصفر ويرجع ذلك لتعرض الرجل لأشعة الشمس خارج المنازل, بينما تحتفظ المرآة التي لا تتعرض كثيرا للشمس ببياض بشرتها.
    ولا نزاع فى ان التقدم الذي أحرزته الأسرة الرابعة فى فن المعمار لابد ان يصاحبه تقدم فى فن النحت, فالقطع التي عثر عليها فى ذلك العهد تعتبر احسن نماذج لفن النحت في الدولة القديمة كما تجعل الفنان المصري يتصدر نحاتي العالم القديم.
    النحت في الدولة الوسطى :ضعف فن النحت في أعقاب الدولة القديمة وبقدر ما عثر على تماثيل كثيرة من عهد الدولة القديمة لم يعثر الا على القليل من عهد الدولة الوسطى.
    ويبدوا ان فن النحت لم يكن منتشرا بالكثرة التى انتشر بها فى عهد الدولة القديمة, واحسن ما عثر عليه من تماثيل الأسرة الحادية عشر تمثال الملك "منتوحتب" الذى يظهر فيه مرتديا تاج الشمال وتشير تماثيل الاسرة الثانية عشر الى التطور الذى طرأ على فنان الدولة الوسطى. حيث نحت الفنان الملك على هيئة رجل وليس على هيئه اله. لذلك تنطق وجوه أصحابها بمسحه من القلق وتعكس التجاعيد الموجودة بجبهاتهم الكفاح والحروب التى خاضوها فى سبيل تدعيم المملكة, ومثال ذلك راس الملك "سنوسرت" الثالث الذى حلت به سماء الكبر والقلق محل الشعور بالثقة والهيبة والألوهية البادية فى تماثيل الدولة القديمة.
    النحت فى الدولة الحديثة :انتعشت أعمال النحت فى الدولة الحديثة بعد ما كان قد انتابها بعض الضعف اثناء فترة حكم الهكسوس لمصر, وبدأ الفنان يمارس قدرته الفنية التى عرفت عنه فى تماثيل الدولة القديمة وظهرت تماثيل ضخمة بجانب التماثيل ذات الحجم الطبيعى, كما ان عناية الفنان لم تعد مقصورة على الوجه فظهر اهتمامه بدراسة الاعضاء كالايدى والارجل, ويلاحظ ظهور تطور فى طابع نحت التماثيل الملكية, فيبدوا تعبير على الوجه وليونة فى الخطوط العامة ويعتبر هذا التغير مقدمه لفن النحت الذي يظهر بعد ذلك فى فن العمارنة, ومثال ذلك تمثال الملك "تحتمس الثالث" المصنوع من حجر الشست الذي عثر عليه فى الكرنك , ويعتبر هذا التمثال قطعة فنية عظيمة وذلك لمقدرة الفنان فى التعبير عن شبه ابتسامه هادئة تظهر على الوجه. ومع أن الفنان عبر عن شباب الملك فى صورة جميلة بخطوط قوية الا أن وجه الملك ينقصه طابع الهيبة والعظمه الذي عرف فى تماثيل الدولة القديمة.
    وتمتاز الفترة التالية من حكم الأسرة الثامنة عشر بتطور كبير فى نحت التماثيل الملكية حيث خرج المثال عن التقاليد القديمة المتبعة فى نحت تماثيل الملوك وفضل تمثيلهم على سجيتهم وطبيعتهم, واحسن مثال لذلك مجموعة تماثيل الملك اخناتون. وبدراسة هذا التمثال يلاحظ انه لاول مرة فى تاريخ نحت التماثيل الملكية تظهر تماثيل في شكل غير جميل تميزت به بإطالة الوجه وكبر الرأس بالنسبة للعنق النحيل. كما تظهر الحرية الكاملة فى التعبير عن الحقيقة فى امتلاء البطن, وهذا التعبير يعد حدثا جديدا فى التماثيل الملكية على نقيض ما كان متبعا فى تماثيل الدولة القديمة التي اتسمت بالقوة والهيبة بجانب التعبير عن الجانب الجسماني, والظاهر ان الملك كان يشجع الفنانين على هذا التطور حيث سجل فى أحد النقوش انه كان يزور مرسم المثال ويبدو ان هذا التمثال كان ملونا فقد وجدت به آثار ألوان كما يلاحظ ان الملك إخناتون يظهر مرتديا تاج الوجهين القبلى والبحري.
    ويظهر تاثير فن العمارنة فى رأس الملكة نفرتيتى "زوجة الملك اخناتون" الموجودة في المتحف المصري وتمتاز هذه الرأس بدقة الملامح وليونة فيه.
    avatar
    Admin
    المدير العام للموقع
    المدير العام للموقع


    ذكر عدد المساهمات : 78
    تاريخ التسجيل : 06/04/2009

    النحت المصري Empty New Wordpad Document (2)

    مُساهمة  Admin الثلاثاء أبريل 06, 2010 4:27 am

    أن فكرة الحياة الأبدية وهى الحياة التى يعيشها الانسان بعد ما يموت لعبت دوراً رئيسياً فى حياة المصريين القدماء وملأت عليهم تفكيرهم إلى درجة ان الإعداد لهذه الحياة كان يبدأ بصفة عامة لدى الإنسان المصرى القديم وهو مازال فى ريعان شبابه . وكان أهم الضمانات للتمتع بحياة الخلود هو تشييد مقبرة منيعة الجوانب. وكان المصرى القديم يصنع لنفسه تمثال ويضعه فى مقبرته ويُعتبر أن السبب فى ذلك هو إعتقاد المصرى القديم بأن روحه ستعود له مرة أخرى فى المقبرة وعندما تأتى الروح وهى ما يعرف بأسم ( البا ) لابد أن تتعرف على صاحبها من خلال التمثال الذى ترى فيه وجه صاحبها . ولكن هذه النظرية لم تكن موجودة من قبل فى العصور الحجرية وعصور ما قبل التاريخ وإنما بدأت فى عصر الأسرات وغالبا منذ عصر الأسرة الثالثة فالملك زوسر صاحب الهرم المدرج له تمثال مصنوع من الحجر الجيرى وموجود حاليا بالمتحف المصرى بالقاهرة . ومنذ ذلك الحين إعتاد المصريين على صناعة التماثيل لذلك برع المصريين القدماء فى فن النحت فكل هذه التماثيل الرائعة لا يمكن أن تصنعها سوى يد ماهرة متمكنه . وكان لفن النحت فى هذه العصور الفرعونية أسلوب خاص وتقنيه إستخدمها المصرى القديم لإقتلاع كتل الحجر من المحاجر وهذه التقنية تختلف بإختلاف صلابة الحجر . فكانت الأحجار الأكثر ليونه تعالج مباشرة بواسطة الأزميل أما الصخور الصلبة فكان يعتمد فى معالجتها على الأسافين الخشبية من خلال إعداد ثقوب فى الحجر تحشر فيها الأسافين رويداً رويداً بعد بلها حتى يتشقق الحجر وفق خطوط منتظمة . وبعد إقتلاع كتله الحجر يجرى تهزيباً لها قبل نقلها الى الورشه وكمرحلة أولى يتم تشكيل كتلة الحجر لتحديد الإطار العام لما سيصبح تمثالاً وبعد ذلك وبالتدريج تتحدد ملامح التمثال العامة ولا سيما ملامح الرأس ثم توضع بعض اللمسات الدقيقة فى بطء حتى يرى النموذج النهائى النور ثم يقوم الفنان بإبراز الذراعين والساقين عن الجسد بتوضيح كل التفاصيل ثم يصقل التمثال صقلا نهائياً . أما الأدوات التى إستخدمها الفنانون القدماء فى صناعة التماثيل فهى فى أساسها أدوات حجرية وتضم هذه الأدوات ( بريمة من الظران ومصقلة ومثقاب وعجينة للحك والصقل ومطرقة وأزميل وفى النادر القليل تستخدم المناشير النحاسية ) . أما عن مادة صناعة التماثيل فإذا صنع التمثال من الحجر الجيرى أو من الحجر الرملى ففى الغالب يتم تلوينه . ويمكن أيضا أن تصنع التماثيل من مادة ( السيانيت ) أى من الحجر الأسوانى أو من مادة ( الكوارتزيت ) أو من ( الشست


    وكما تختلف التماثيل من حيث مادة الحجر تختلف أيضاً من حيث الأحجام والأشكال وعلى سبيل المثال تماثيل الفرعون التى يتضح من خلالها أن يكون التمثال بحجم الإنسان الطبيعى أو يزيد على ذلك مثل تماثيل الملك ( رمسيس الثاتى ) فهذه التماثيل ينبغى أن تُمثِل مكانته وهيبته على النحو الذى يُمثَل عليه جسده فالحجم يُِِمثِل السلطة والقوة والهيمنة . ويوجد شكل آخر من التماثيل وهو تماثيل الكتبة فهم دائماً فى وضع الجلوس التقليدى مع تشابك الرجلين فى إستعداد للكتابة مع وضع فرخ من ورق البردى على الركبتين وقلم من الحطب فى اليد . وهناك شكل ثالث من أشكال التماثيل وهو كما يوجد فى تماثيل الرجال والآلهة الواقفة وهى تتخذ خطوة للأمام بالقدم اليسرى وهذا الشكل يسمى ب ( الوضع الأوزيرى ) . كما ظهر نوع آخر من التماثيل فى عصر الدولة الوسطى يسمى ب ( تماثيل الكتلة ) حيث تبرز الرأس فقط من شكل الجسد الذى يتخذ شكل الكتلة الواحدة مثل تمثال ( القزم سنب ) وهو فى وضع الجلوس وذراعيه مثنيان فوق ركبتيه وتحت ذقنه ولديه نقش بالهيروغليفية على جسده . ويتضح أيضا أن النحاتون المصريون حققوا تأثيرات بصرية رائعة وبارزة فى أعمالهم الفنية من خلال تطعيم عيون التماثيل بغرس عيون مصنوعة من الكريستال الملون أو الأوبسيديان وهو زجاج أخضر قاتم اللون أو أسود مما يضفى على التمثال تأثيرا واقعيا ومروعا للغايه . وهذا ما هو ملحوظ بتمثال ( الأمير رع حتب وزوجته) بهذا الشكل : هذا التمثال الرائع الجذاب المصنوع بطريقة فنية تحققت فيها جميع أشكال الجودة والتقنية العالية التى توهم رائى هذا التمثال بأن( رع حتب وزوجته) أشخاص حقيقية تجلس أمامه . فما أروع يد الفنان التى مَثلت هذه التحفة العبقرية التى حازت على كل التقدير والإحترام ولأن هذا التمثال يعتبر محل إعجاب من جميع زائريه لذلك فهو يستحق الحديث عنه بكلمات عطرة وأحرف من نور . وهو تمثال جماعى للأمير( رع حتب وزوجتة نفرت ) ممثلين بالوضع الجالس وهو موجود حالياً بالمتحف المصرى بالقاهرة . فقد عَثر على هذا التمثال ( ماريت باشا ) بمقبرة رع حتب فى ميدوم وكان التمثال موجود خلف جدار من الطوب بالجانب الشمالى من المقبرة وكان أثناء أعمال الحفائر بهذه المقبرة لاحظ أحد العمال وجود عدم إستواء فى أحد جدران المقبرة وذلك جعلهم يصنعون فتحة فى هذا الحائط ليروا ما خلفه ولكن الشىء المضحك أن العمال اُصيبوا بالرعب والفزع لأن أشعه المشاعل سقطت على عيون التماثيل المطعمة بألوانها الحيه إنعكس منها بريق أخافهم ومع صدق تعبير الوجهين شعروا بأنهم أمام أشخاص حقيقية . وكان السبب الحقيقى فى جعل هذا التمثال الجماعى خلف جدار وكأنه غير موجود بالمقبرة هو أن (رع حتب وزوجته) عاشوا فى فترة حكم الملك ( خوفو ) الذى أصدرفرمان بمنع صناعة أى تماثيل لغير الملوك والمعبودات كما أنه جعل رجاله يفتشون عن أى تماثيل موجودة لدى الأفراد لغير الملوك و المعبودات ويقوموا بتحطيمها لذلك خافا (رع حتب وزوجته ) على تمثالهم لأنه إستغرق منهم وقت وأموال فى صناعته كما أنه ليس من السهلا أن تحطم هذه التحفة الأخاذة فقد قرروا أن يخفوا هذا التمثال . وكان التمثـال موضــوع بالركن الـغـربى من المـقـبرة لـكـن (رع حتب ) إضطر الى إعادة تقسيم المقبرة حتى يوضع التمثال بالجانب الشمالى ونظراً لأن التمثال جماعى فهو ملتصق ببعضه أى أنه كتلة واحدة ومدخل الجانب الشمالى لا يتسع لدخول التمثال كله كتلة واحدة لأنه كبير لذلك تم فصله نصفين ولهذا أصبح كل من (رع حتب ) و(نفرت) يجلسان على كرسيين منفصلين . وإرتفاع هذا التمثال حوالى 120سم وطوله 69سم أما العرض 51 سم . والأمير (رع حتب) يجلس على كرسى له مسند ظهر يمتد إلى ما بعد الكتفين وقد سجل عليه ألقابه ومنها :رئيس الجند - كبير فلكى ايونو – رئيس الأعمال المعمارية – رئيس الجيش. بهذا الشكل … ويُعتقد أن الأمير (رع حتب) أحد أبناء الملك (سنفرو) وهو أول ملوك الاسرة الرابعة وأنه أخ للملك (خوفو) الذى تولى العرش بعد أبيه الملك (سنفرو) . ورع حتب ممثل بالشعر الطبيعى وملون باللون الأسود أما عن ملامح وجهه فهى تدل على ملامح الوجه القاسى الذى يعبر عن الحزم والصرامة وذلك من مميزات فن النحت فى الأسرة الرابعة . والعين مطعمة بمادة (الكوارتزيت) والمقلة بمادة (الإبسيديان ) وتتميز هذه العين بالإتساع غير أن أجمل ما فيها أنها تبدو طبيعية للغاية أما الأنف فتبدو كبيرة بفتحات صغيرة نسبيا والفم صغير ومحاط بعضلة قوية والتمثال له شارب أسود اللون وهذه من المرات القليلة التى تظهر فيها تماثيل الرجال بشارب كما أن لديه رقبة غليظة قصيرة وأذنه كبيرة نسبيا . والأمير يرتدى قلادة فى رقبته ويحتمل أن تكون تميمة وهى شكل صغير بهيئة قلب أو ربما تكون زهرة . وأكتاف الأمير عريضة وعضلات جسده واضحة وهو يضع ذراعه الأيسر على فخذه الأيسر بقبضة يد مغلقة وفى وضع رأسى وذراعه الأيمن مثنى أسفل صدره بقبضة يد مغلقة . والأمير (رع حتب) يرتدى نقبة قصيرة تصل حتى ركبتيه وعقدتها عليها نفسها وأخذت اللون الأبيض وقدم الأمير إلى جانب بعضها وترتكز على قاعدة حجرية خالية من أى نقوش هيروغليفية . أما عن تمثال الزوجة وهى الأميرة (نفرت) فهى أيضاً جالسة على كرسى بمسند ظهر يمتد إلى ما بعد الكتفين وأستغل الفنان هذا المسند لكتابة إسمها ولقبها حيث أنها أخذت لقب ( رخت نسو) بمعنى المعروفة لدى الملك وهو لقب حقيقى حيث أنها زوجة إبن الملك أما بعد ذلك فقد أخذت بعض النساء هذا اللقب بدون أن يكون لهم صلة قرابة بالملك .و(نفرت) ترتدى باروكة قصيرة ترتكز على العنق والكتفين ويظهر الشعر الطبيعى من أسفل الباروكة وهو أسود اللون وترتدى أيضاً إكليل على رأسها ومزين بأشكال الزهور . وملامح وجهها تبدو عليها الحزم والصرامة فالعين مطعمة بالكوارتزيت ومقلة العين بالابسيديان وعينها واسعة وتبدو كأنها طبيعية أما الأنف فهى كبيرة بفتحات ضيقة وفمها محاط بعضلة قوية ورقبتها قصيرة غليظة وترتدى قلادة عريضة تعرف بإسم (قلادة الأوسخ )والتى تتميز بأن ألوانها متعددة وجذابة . وترتدى الأميرة على جسدها عباءة طويلة حابكة تظهر مفاتنها ولونها أبيض ولها فتحة من أعلى تمتد حتى أسفل الصدر وهى ترتدى من تحت العباءة رداء آخر تظهر حمالته على كتفيها . تضع نفرت ذراعها الأيمن فوق الأيسر بكفة يد مفرودة وهى تمسك طرف العباءة بيدها اليمنى وترتكز قدميها على قاعدة حجرية . ويلاحظ أن الفنان المصرى القديم وضع بعض لمساته الفنية الدقيقة جعلت من التمثال تحفة فنية رائعة حيث فرق الفنان بين لون بشرة الرجل وزوجته ولأن هذا التمثال صنع من الحجر الجيرى لذلك تم تلوينه وقد لون جسد الأمير (رع حتب ) بلون البشرة السمراء المحمرة وجسد الأميرة (نفرت ) أخذ اللون الأبيض المصفر . فما أعظم أجدادنا الفراعنة القدماء الذين خلفوا لنا كل هذه الحضارة العظيمة الزاخرة بأجمل المقتنيات الرائعة !.
    avatar
    Admin
    المدير العام للموقع
    المدير العام للموقع


    ذكر عدد المساهمات : 78
    تاريخ التسجيل : 06/04/2009

    النحت المصري Empty New Wordpad Document

    مُساهمة  Admin الثلاثاء أبريل 06, 2010 4:28 am

    وكان فن النحت ازدهر في الدولة القديمة والوسطي والحديثة، وأثمر عددا من التماثيل بأنواع مختلفة واستخدم المصريون حجم التمثال للتعبير عن الوضع الاجتماعي.

    فحجم تمثال الفرعون كان يفوق الحجم الطبيعي، ويزن أحيانا عدة أطنان وكانت تماثيل الكتبة وموظفي البلاط بالحجم الطبيعي تقريبا وأما تماثيل الخدم والعمال فكانت رغم دقتها العالية، أصغر حجما؛ ولا يزيد ارتفاعها في العادة على 50 سنتيمترا.

    وقد أظهرت تلك التماثيل الخادم في أوضاع العمل المختلفة إضافة إلى تماثيل "الأوشابتي" بالغة الصغر التي لا يزيد ارتفاعها على بضعة سنتيمترات وهذه يستدعيها صاحبها في الدار الآخرة، لكي تؤدي عنه العمل الصعب الذي لا بد وأن يقوم به، وكان هناك 365 من هذه التماثيل الصغيرة "الأوشابتي" أي بعدد أيام السنة.
    وبالقدر الذي كانت فيه "الأوشابتي" من أهم العلامات المميزة للفن المصري القديم
    avatar
    Admin
    المدير العام للموقع
    المدير العام للموقع


    ذكر عدد المساهمات : 78
    تاريخ التسجيل : 06/04/2009

    النحت المصري Empty 2

    مُساهمة  Admin الثلاثاء أبريل 06, 2010 4:30 am

    ومنذ ذلك الحين إعتاد المصريين على صناعة التماثيل
    لذلك برع المصريين القدماء فى فن النحت فكل هذه التماثيل الرائعة لا يمكن ان تصنعها سوي يد ماهرة متمكنه.
    وكان لفن النحت في هذه العصور الفرعونيه أسلوب خاص وتقنيه إستخدمها المصرين
    . فى ه الفرعونية أسلوب خاص وتقنيه إستخدمها المصرى القديم لإقتلاع كتل الحجر من المحاجر وهذه التقنية تختلف بإختلاف صلابة الحجر . فكانت الأحجار الأكثر ليونه تعالج مباشرة بواسطة الأزميل أما الصخور الصلبة فكان يعتمد فى معالجتها على الأسافين الخشبية من خلال إعداد ثقوب فى الحجر تحشر فيها الأسافين رويداً رويداً بعد بلها حتى يتشقق الحجر وفق خطوط منتظمة . وبعد إقتلاع كتله الحجر يجرى تهزيباً لها قبل نقلها الى الورشه وكمرحلة أولى يتم تشكيل كتلة الحجر لتحديد الإطار العام لما سيصبح تمثالاً وبعد ذلك وبالتدريج تتحدد ملامح التمثال العامة ولا سيما ملامح الرأس ثم توضع بعض اللمسات الدقيقة فى بطء حتى يرى النموذج النهائى النور ثم يقوم الفنان بإبراز الذراعين والساقين عن الجسد بتوضيح كل التفاصيل ثم يصقل التمثال صقلا نهائياً
    اما الادوات التي إستخدمها الفنانون التي إستخدمها الفنانو القدماء في صناعه التماثيل فهي في أساسها أدوات حجرية وتضم هذه الأدوات بريمة من الظران ومصقلة ومثقاب وعجينة للحك والصقل ومطرقة وأ.ميل وفي النادر القيلي تستخدة المناشير النحاسية
    avatar
    Admin
    المدير العام للموقع
    المدير العام للموقع


    ذكر عدد المساهمات : 78
    تاريخ التسجيل : 06/04/2009

    النحت المصري Empty رد: النحت المصري

    مُساهمة  Admin الثلاثاء أبريل 06, 2010 4:41 am

    تمثال جالس لتحتمس الثالث_ المتحف المصري

    [img]النحت المصري 129438780[/img]

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء مايو 15, 2024 7:11 am